الثلاثاء، 21 يونيو 2011

هل نأكل السوشي؟




هل نأكل السوشي؟

إذا كُنتَ من المحبين للطبخة اليابانية المشهورة ”السوشي“، فعليك التريث قليلاً، والتفكير ملياً، والسؤال عن مصدر جميع مكونات هذه الوجبة، من السمك، والرز، والخضروات، والأعشاب البحرية.

فكارثة انفجار المفاعلات النووية في محطة فوكيشيما(Fukushima) لتوليد الكهرباء في 11 مارس في اليابان، وانبعاث أنواعٍ كثيرة من الملوثة المشعة القاتلة التي يمكث بعضها في عناصر البيئة عشرات السنين من هواءٍ ومياه البحار والمياه الجوفية والتربة، لا بد من أن تجعلنا نُدقق ونسأل عن كل منتج ياباني غذائي أو غير غذائي يدخل إلى البحرين، وخاصة أن انبعاث هذه الإشعاعات السامة سيبقى فترة طويلة من الزمن، وذلك استناداً إلى اعترافات الجهات الرسمية المعنية بإدارة الكارثة والسيطرة على مصادر الإشعاع في المفاعلات المحترقة، حيث أعلنت شركة طوكيو للطاقة الكهربائية(Tokyo Electric Power Co (Tepco)) في 17 أبريل وبكل صراحة أن عملية إغلاق المحطة النووية كلياً وسد كل مصادر الإشعاع، وإيقاف تسربات المواد الملوثة إلى البيئة ستستغرق نحو 9 أشهر، أي حتى ديسمبر من العام الجاري، مما يعني استمرار دخول الإشعاعات إلى الهواء الجوي في منطقة الكارثة ثم انتقالها إلى مكونات البيئة الأخرى وصولاً إلى السلسلة الغذائية البشرية.

وهناك عدة حقائق ومشاهدات ميدانية قد وقعت منذ 11 مارس حتى يومنا هذا تؤكد لنا خطورة الموقف بالنسبة لتركيز الملوثات المشعة في جسم البيئة وجميع المنتجات اليابانية، مما يوجب علينا أخذ الحذر والحيطة ومراقبة كل منتج ياباني، ليس للأشهر القادمة فحسب، وإنما للسنوات القادمة إلى حدٍ سواء، فكارثة تشرنوبيل التي وقعت في عام 1986، أي قبل 25 سنة مازالت تُلوث التربة والمواشي في بعض المناطق في الاتحاد السوفيتي سابقاً وفي قارة أوروبا.

أولاً: تم قياس مستويات مرتفعة جداً من العناصر المشعة في البيئة اليابانية وبيئة الدول الأخرى التي يبعد بعضها آلاف الكيلومترات من موقع الكارثة. فعلى سبيل المثال، وصل تركيز عنصري الأيودين والسيزيم في الهواء الجوي بالقرب من المفاعلات ألف ضعفٍ عن المستويات الطبيعية، وفي 18 أبريل اكتشف الإنسان الآلي(الروبوت) تسربات إشعاعية عالية جداً في المفاعلات، حيث بلغ 270 ميلي سيفرتس/الساعة. وفي ماء البحر بلغ تركيز الأيودين المشع أكثر من 7.5 مليون ضعف عن المواصفات، والسيزيم بلغ مليوني ضعف، علماً بأن السيزيوم يستمر مشعاً أكثر من ثلاثين عاماً.

ونتيجة لذلك فقد تسممت الأسماك بالإشعاع، منها سمك الأنشوبي المعروف(anchovy) الذي وصل التركيز في جسمه إلى 3 بيكرل(becquerel) من السيزيوم في الكيلوجرام من السمك، كما أن تركيز الأيودين المشع في سمك اللانس(lance) بلغ 4080 بيكرل/كجم، والسيزيم 12500 بيكرل/كلجم من السمك، أي أكثر من 25 ضعفاً عن المعدلات المسموح بها. وفي السبانخ بلغ 54 ألف بيكرل من الأيودين في الكيلوجرام من السبانخ، أي أعلى من المعايير بنحو 27 مرة، وفي الحليب كان التركيز أعلى من المعدل بنحو 17 مرة. وفي مياه الشرب وصل التركيز إلى 210 بيكرل من الأيودين المشع في الكيلوجرام من ماء الحنفية، وفي المياه الجوفية بلغ تركيز الأيودين عشرة آلاف مرة أعلى من المعايير. 

وفي المقابل فقد أكدت محطات مراقبة الإشعاع الموجودة في مواقع كثيرة من الكرة الأرضية أن التلوث الإشعاعي انتقل إلى عدة ولايات غربية في الولايات المتحدة الأمريكية وعبرت المحيط الأطلسي لتصل إلى أيسلندا، أي أن الإشعاع غطى النصف الشمالي من الكرة الأرضية.

ثانياً: من الواضح أن الملوثات التي انبعثت إلى الهواء والماء وترسبت على التربة، أصبحت الآن جزءاً من السلسلة الغذائية للإنسان، أي أن الإنسان الآن قد تعرض بشكلٍ مباشر للمواد المشعة، إضافة إلى التعرض غير المباشر من خلال تناول المأكولات كالسمك والخضروات واللحم والحليب وشرب الماء المشع. وهذا المسار للتعرض للملوثات أُطلق عليه بالمسار الخفي والمجهول الذي يتجاهله الناس وينسونه بعد أن تتوقف مصادر الإشعاع المباشرة إلى مكونات البيئة، فهناك بعض العناصر المشعة التي انطلقت إلى البيئة، كعنصر السيزيوم الذي له قدرة عالية على الإشعاع، ويستمر عنصراً يطلق الجسيمات والموجات المشعة أكثر من ثلاثين عاماً.

ولذلك فنحن نستهلك هذه المنتجات الغذائية الملوثة، كما نتعرض للإشعاع من المنتجات الأخرى التي تسممت به لسنوات قادمة طويلة، ولكن دون أن ندري بذلك، أو حتى أن نحس بوجوده في أجسامنا، إلا بعد أن تتراكم مع الزمن فتصل إلى الجرعة التي تذهب بنا سراعاً إلى المستشفى، أو تسقطنا صرعى. 

وبعد هذه الحقائق العلمية والوقائع الميدانية، هل مازلتَ ممن سيأكلون السوشي؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق