السبت، 25 يونيو 2011

وسقط المحور البيئي من الحوار الوطني الشامل!

وسَقَطَ المحور البيئي سهواً!

الحوار الوطني الشامل أدخل فيه كل شرائح المجتمع البحريني، وغطى كل فئاته ومذاهبه وأديانه، وهذا أمر مطلوب لكي يكون الحوار بحق شاملاً ومتكاملاً يستمع إلى كافة الآراء والأفكار والمقترحات المتنوعة والمتعددة، وفي المقابل من المطلوب أيضاً أن تكون محاور الحوار شاملة لكي القضايا التي نعاني منها في المجتمع البحريني، وليست فقط المحاور المطروحة حالياً، والتي تتمثل في المحور السياسي، والمحور الاقتصادي، والمحور الحقوقي، والمحور الاجتماعي، إضافة إلى محور فرعي يختص بالمقيمين الأجانب.

فمن الواضح من تحديد هذه المحاور وتركيزها على هذه القضايا فقط، قد أسقط سهواً، أو تجاهل محوراً عالمياً يخص استدامة حياة الإنسان والكائنات الحية الأخرى على وجه الأرض، وهو المحور البيئي، والقضية البيئية.

ونظراً لأهمية البيئة وهمومها على المستوى العالمي، فقد وافق المجتمع الدولي في قمة ريو دي جانيرو في يونيو 1992 حول التنمية المستدامة على تثبيت ”البيئة“ كركن رئيس من أركان نجاح المجتمعات البشرية وتحقيق التنمية المستدامة، وزاوية أساسية من زوايا المثلث الذي تستديم فيه حياة الإنسان وحياة الكرة الأرضية، جنباً إلى جنب مع الركن الاقتصادي، والركن الاجتماعي.

وعلاوة على تركيز المجتمع الدولي على قضية البيئة، فإن الوثائق الوطنية الرسمية التي وافق عليها المجتمع البحريني كميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين، لم تنس ضم البعد البيئي في فصول ومواد هذه الوثائق. فعلى سبيل المثال، ميثاق العمل الوطني، جاء فيه وبالتحديد في الفصل الثالث، المادة الخامسة: البيئة والحياة الفطرية: ”نظراً للضغط المتزايد على الموارد الطبيعية المحدودة، فإن الدولة تسعى إلى الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والتنمية غير الضارة للبيئة وصحة المواطن، كما تأخذ في عين الاعتبار التوجهات العالمية في منع ومعالجة المشكلات البيئية الكبرى، وذلك من خلال وضع إستراتيجية وطنية لحماية البيئة واتخاذ جميع الإجراءات والتدابير التشريعية المناسبة للحد من التلوث من مصادره المختلفة وتوفير التسهيلات للشركات الصناعية للتحول للإنتاج النظيف، وضرورة إجراء دراسات التقييم البيئية قبل البدء في تنفيذ المشاريع. من ناحية أخرى تقوم الدولة بالمحافظة على الحياة الفطرية وخاصة البيئات الطبيعية المتنوعة التي تتميز بها البحرين بما في ذلك مكوناتها الحيوانية والنباتية من خلال وضع الخطط المناسبة لاستخدام الأراضي وإدارة المناطق الساحلية وإنشاء منظومة من المحميات الطبيعية على غرار محمية العرين ومحمية جزر حوار والمياه المحيطة بها، والتي تأتي أهميتها على المستوى العالمي نظراً لما يتواجد فيها من حيوانات وطيور نادرة“.

كذلك جاء دستور مملكة البحرين ليثبت هذا الاهتمام بالبيئة، حيث قدم الفصل الثاني: المقومات الأساسية للمجتمع، المادة 9 ح: ”تأخذ الدولة التدابير اللازمة لصيانة البيئة والحفاظ على الحياة الفطرية“، كما جاء في المادة 11: ”الثروات الطبيعية جميعها ومواردها كافة ملك للدولة، تقوم على حفظها وحسن استثمارها، بمراعاة مقتضيات أمن الدولة واقتصادها الوطني“.

وانطلاقاً مما سبق، كيف تأتي محاور الحوار الوطني الشامل متجاهلة ومخالفة لما أكد عليه المجتمع الدولي من جهة، وصادقت عليه الوثائق القومية المعتمدة شعبياً؟

فهل هذا التوجه الجديد الذي تمثل في محاور الحوار الوطني يعني أن الهواء الذي نستنشقه، ولا يمكن العيش بدونه دقائق معدودات ليس له أهمية كالمحور السياسي أو الاجتماعي أو غيره من المحاور؟
وهل هذا يعني أن الماء الذي نشربه، والذي لا حياة، تحول فجأة إلى من قضية هامشية التي لا أولوية لها ويمكن تأجيلها إلى مرحلة لاحقة؟
وهل هذا يعني أن البحر الذي عاش عليه الأجداد قروناً طويلة كمصدر للغذاء والشراب والجمال والترفيه عن النفس، أصبح الآن لا دور له في حياتنا، وانتقل إلى ذيل القضايا الوطنية؟
وهل هذا يعني أن الأسماك التي نتغذى عليها ليست لها قيمة لدي المواطن بحيث إن الدفاع عنها أصبح من القضايا الجانبية الكمالية؟

فالإنسان يستطيع أن يعيش بدون ” السياسة“، أو بعض القضايا الأخرى، ولكن لا يستطيع العيش حياة طيبة وكريمة وصحية بدون هواءٍ نظيف، أو ماءٍ عذبٍ زلال، أو بحر ثري بالغذاء، أو تربة نظيفة يزرع عليها.
فالحياة الكريمة والسعيدة تكون في بيئة سليمة وصحية، والحياة المستدامة تكون في بيئة ثرية وغنية بالموارد والثروات الفطرية الطبيعية التي لا تنضب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق