الأربعاء، 29 يونيو 2011

هل وصلت إشعاعات اليابان إلى البحرين؟

هل وصلت إشعاعات اليابان إلى البحرين؟

هناك مساران لانتقال الملوثات المشعة التي انطلقت إلى الهواء الجوي في اليابان منذ يوم الجمعة الموافق 11 مارس 2010 وحتى يومنا هذا بسبب الزلزال والتسونامي اللذين فجرا أربعة مفاعلات نووية موجودة في مجمعين لتوليد الكهرباء في مقاطعة فوكيشيما(Fukushima)، وبالتحديد في مجمع دايشي النووي(Daiichi).

أما المسار الأول الذي يمكن من خلاله وصول المواد المشعة إلى البحرين، فيكون بشكلٍ مباشر وبعد فترة قصيرة من الزمن من خلال انتقال هذه الملوثات عبر الهواء الجوي وحسب اتجاه وسرعة الرياح. فإن هذه الملوثات قد تصل إلى مسافات تبعد آلاف الكيلومترات، كما حصل بالفعل أثناء كارثة تشرنوبيل في أبريل 1986، حيث تم اكتشاف نسبٍ مرتفعة من الإشعاع في شمال بريطانيا، وبالتحديد اسكتلندا، وفي شمال الكويت بعد قرابة أسبوعٍ من تسرب الإشعاعات من مفاعل تشرنوبيل في أوكرانيا.

فالقياسات الميدانية اليومية في اليابان بعد انفجار المفاعلات، أكدت تسرب عناصر مشعة إلى الهواء الجوي مباشرة وبمستويات عالية جداً، منها عنصر السيزيوم (cesium-137) والأيودين( iodine-131 )، والسترونتيوم(strontium-90).

ويعتمد تركيز الملوثات المشعة في الهواء الجوي على عاملي الوقت والمكان. ففي الساعات الأولى من الانفجار النووي وفي محيط المفاعلات النووية، كانت النسب مرتفعة جداً، حيث إنها بلغت 400 ميلي سيفرتس(milisieverts)، وعلى مسافة نحو 220 كيلومتراً في العاصمة طوكيو تراوح التركيز بين 0.809 ميكرو سيفرتس في الساعة(microsieverts per hour)، أي أكثر من الأيام العادية بنحو 23 مرة، مما يؤكد حركة الملوثات وانتقالها عبر الرياح إلى مناطق أبعد من مصدر الإشعاع.

كما أكدت السلطات الأمريكية اكتشاف نسبٍ من الملوثات المشعة كالأيودين والسيزيوم في أجوائها أعلى من الأيام السابقة وبعد مرور ثمانية أيام على وقوع كارثة اليابان، وبالتحديد في الولايات الواقعة على الساحل الغربي والتي تبعد قرابة 6500 كيلومتر عن موقع الكارثة. وهذه الحقيقة تؤكد احتمال وصول هذه المواد المشعة إلى البحرين عبر انتقالها في الوسط الهوائي.

وعلاوة على ذلك فإن الملوثات المشعة تستطيع أيضاً أن تصل إلينا بشكلٍ مباشر من خلال انتقالها عبر الوسط المائي وعن طريق حركة التيارات في المسطحات المائية، إضافة إلى احتمال انتقالها بطريقة غير مباشرة عند تلوث الأحياء البحرية بالإشعاع واستهلاك الناس في خارج اليابان لهذه الكائنات الملوثة بالإشعاع. وقد كشفت القياسات الميدانية عن تلوث مياه البحر بالمواد المشعة بالقرب من المفاعلات المحترقة، حيث وصلت نسبة الأيودين المشع إلى أكثر من 127 ضعفاً، والسيزيم(134) إلى 17 ضعفاً، والسيزيم(137) إلى 17 ضعفاً. وبالتالي فهذه المياه والكائنات البحرية المشعة قد تنتقل عبر التيارات البحرية فتصل إلى الناس الذين يعيشون آلاف الكيلومترات. فعلى سبيل المثال، يمكن للملوثات أن تنتقل من بحر اليابان إلى المحيط الهادئ، ثم إلى خليج ألاسكا فتلوث المياه والأسماك هناك، ثم تنتقل هذه الأسماك المشعة إلى الشعب الأمريكي بعد أشهر من هذه الكارثة.

أما المسار الثاني لانتقال الملوثات المشعة واحتمال وصولها إلى بلادنا فيكون بطريقة غير مباشرة من خلال استيراد واستهلاك مواد غذائية صلبة أو سائلة ملوثة بالإشعاع، أو حتى بضائع أخرى كالسيارات وغيرها. فقد أكدت الحكومة اليابانية عن تسمم 11 نوعاً من الخضروات المزروعة في أربعة مقاطعات منكوبة هي فوكيشيما، وإيباراكي، وتوشيجي، وجونما(Fukushima, Ibaraki, Tochigi and Gunma)، إضافة إلى تلوث الحليب ومياه الشرب بالمواد المشعة. فعلى سبيل المثال، بلغ تركيز الإشعاع في الحليب 5200 بيكيرل(becquererl) من الأيودين في الكيلوجرام من الحليب، والحدود المسموح بها 300، وفي الماء وصل التركيز إلى 210 بيكيرل في الكيلوجرام من ماء الحنفية، علماً بأن المواصفة لمياه هي 100 فقط، وفي بعض الخضروات 82 ألف من السيزيم المشع(أعلى من المعيار 164 مرة)، و 15 ألف من الأيودين المشع(أعلي من المعيار بسبع مرات). ولذلك أعلن رئيس وزراء اليابان ناتو كان(Naoto Kan) حظر استهلاك الخضروات والحليب ومشتقاته من بعض المقاطعات المتضررة لأجل غير مسمى.

كذلك فإن استيراد السيارات قد يكون من المصادر غير المباشرة لوصول التلوث الإشعاعي إلى البحرين، ومما يؤكد هذه الحقيقة هو استباق شركة نيسان (Nissan) عن وجود هذه المشكلة عندما صرحت في 18 مارس 2011 بأنها: ”ستقوم بمراقبة مستويات الإشعاع في السيارات المصنوعة في اليابان، وستستمر في تطبيق كافة الإجراءات اللازمة لتطمين عامة الناس بأن منتجاتنا ستظل ملتزمة بالشروط والمعايير الدولية الخاصة بالأمان، وسنحرص على إزالة كافة الملوثات الإشعاعية من هذه المنتجات بشكلٍ كلي“.

وقد أكدت بعض الحوادث واقعية انتقال الإشعاع إلى الدول الأخرى من خلال المنتجات اليابانية. فعلى سبيل المثال، أعلنت الحكومة الفرنسية في 19 يونيو أنها قد تخلصت من شحنة من الشاي الأخضر المُشع وزنها 162 كيلوجراماً في مطار شارل دي جول، والقادمة من مزرعة إيرك(Irk Tea Farms) الواقعة على بعد قرابة 355 كيلومتراً من مكان الكارثة في مقاطعة شيزوكا (Shizuoka prefecture).

وفي الوقت نفسه اكتشفت أجهزة مراقبة السلامة في بلجيكا منتجات مشعة في بعض البضائع اليابانية المصدرة إلى بلجيكا في ميناء(Zeebrugge port) وتزيد نسبتها عن المواصفات المعتمدة في الاتحاد الأوروبي.

ولذلك كإجراء وقائي، فإنني أدعو إلى الفحص الإشعاعي لكافة المنتجات اليابانية للتأكد من خلوها من الملوثات المشعة، فقد أكدت الحوادث في الدول الأخرى وصولها عن هذا الطريق حتى بعد سنوات.

هناك تعليق واحد:

  1. والله ان اشعاعات كتلة الوفاق اخطر بكثير من اشعاعات اليابان يا استاذ

    ردحذف