الأحد، 13 نوفمبر 2011

هل الزيادة في عدد السكان هي السبب؟

قبل أيام دق جرس عدد سكان العالم، حيث بلغ عدد البشر الذين يعيشون على سطح الأرض قرابة العالم سبعة بلايين، وتُشير توقعات منظمات الأمم المتحدة المعنية أن هذا العدد سيزيد إلى زهاء 9.3 بليون بحلول عام 2050، وبمعدل نمو سنوي يصل إلى 1.2%.

وهذا النمو السكاني المضطرد يتركز في الدول النامية، بينما في الدول الصناعية فإن النمو السكاني في تناقص، أو في حالة تعادل، فهناك دول تعاني من انفجار سكاني شديد، ودول أخرى تعاني من انكماش سكاني ملحوظ، أي لا يوجد توازن بين قطبي الكرة الأرضية في نسبة النمو السكاني، فيتراوح بين إفراط وإسراف في الأعداد وبين تفريط ونقصان.
 
ومع هذه الزيادة السكانية العامة، يحتدم الجدل، ويدور النقاش المزمن منذ أكثر من قرن حول تأثير هؤلاء البشر على الموارد الطبيعية الحية وغير الحية، كالمكونات البيئية من هواء وماء وتربة، وعلى الموارد الغذائية، وعلى الثروات في باطن الأرض، ويتساءل الكثير من الباحثين: هل للموارد الطبيعية المحدودة نوعياً وكمياً القدرة المستدامة على استيعاب هذه الأعداد المتعاظمة من البشر، وتوفير الماء والغذاء والطاقة والمسكن لهم؟

وهذه التساؤلات حول إمكانات الكرة الأرضية لإشباع أكثر من سبعة بلايين إنسان قد زاد في السنوات القليلة الماضية منذ دخول العالم في النفق الاقتصادي المظلم، والكساد المالي الذي ضرب معظم دول العالم    في عام 2008، ومازال ظلام التدهور الاقتصادي يخيم على الدول، ولا يعلم أحد متى يتعافى العالم من هذا الوضع السيئ.

فلو درسنا هذه القضية من الناحية العددية فقط، أي عدد السكان مقارنة بتوافر الموارد الطبيعية والثروات الفطرية، لقُلنا بعدم وجود ما يكفي لسد جوع هذا العدد المتزايد من البشر، ولكن في المقابل هناك عامل مهم في هذه المعادلة يجب عدم تجاهله، وهو عامل استهلاك الأفراد والدول لهذه الموارد من جهة، وتوزيع هذه الموارد بطريقة عادلة من جهة أخرى. ولذلك فالتركيز فقط على زاوية العدد هو تبسيط مُخل لهذه القضية المعقدة والمتشابكة، وانحراف عن الأسباب الرئيسة الأخرى ذات العلاقة.

فنحن إذن يجب أن نتعمق في هذه القضية من ثلاث زوايا متساوية، كما ننظر إلى مثلثٍ له ثلاثة أضلاع وزوايا متساوية. فالزاوية الأولى هي عدد السكان، والزاوية الثانية هي الموارد الطبيعية، والزاوية الثالثة هي أنماط الاستهلاك وأسلوب توزيع هذه الثروات الأرضية. 

فعلى سبيل المثال، هناك دول يعاني سكانها من الرجال والنساء والأطفال من داء السمنة والوزن الزائد بسبب الإفراط الشديد في الأكل والشراب، وهناك دول يعاني أفرادها من سوء التغذية، وبعضهم يسقط صريعاً من المجاعة وندرة الطعام والشراب!

فهناك من البشر من سئم من كثرة أكل اللحم، وهناك من البشر من يريد فقط أن يشم رائحة اللحم!

وهناك مدن تتزين سماؤها ليلاً بالأنوار الساطعة والمضيئة، وكأنك في وضح النهار، وهناك مدن إذا حَلَّقت فوقها لا تعرف بأن تحتك مدينة مزدهرة، بها ملايين البشر!  

وهناك من البشر من يُلقي نصف ما يأكل في حاويات القمامة، وهناك من يُدخل يده في هذه الحاويات ليبحث عن هذه الفضلات التي تسد جوعه!

وهناك من الدول من يزرع، فيحصد، فيرمى ما حصده من الأكل به في البحر حفاظاً على الأسعار، وهناك من يموت جوعاً بحثاً عن لقيمات يُقِمْنَ صُلبه!

فهل الزيادة السكانية هي التي خلقت هذه التناقضات، أم أن غياب العدالة الاجتماعية والمساواة في توزيع هذه الموارد من ماء، وطاقة، وغذاء هي التي سببت هذه المظاهر المؤلمة؟

وهل الزيادة السكانية هي التي سببت جوع البشر، أم الخلل الفاحش والبيِّن في أنماط الاستهلاك بين الأفراد في الدولة الواحدة، وبين الدول؟

فالمطلوب إذن دراسات معمقة ومتوازنة تسبر غور الأركان الثلاثة للمثلث، والتوازن بين متطلبات واحتياجات وانعكاسات كل ركنٍ منها، السكان، والموارد، والاستهلاك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق