السبت، 12 يوليو 2014

حرق صهاريج النفط وسياسة الطاقة



تكررت حوادث حرق وتفجير صهاريج أو سيارات نقل النفط في أفغانستان وباكستان منذ سنوات، ومؤخراً شهدنا قيام طالبان بحرق زهاء 200 صهريج تابعة لقوات حلف شمال الأطلسي(ناتو) تنقل النفط ومشتقاته من جازولين وديزل وكيروسين إلى القوات الأمريكية وقوات الناتو على الحدود العاصمة الأفغانية كابول، وتهدف هذه العمليات إلى قطع وتجفيف خطوط إمدادات النفط والوقود التي تحتاجهما القوات الأمريكية والقوات الأخرى الموجودة في أفغانستان.

وهذه المعضلة المتمثلة في نقل وتوصيل الوقود إلى الجنود الأمريكيين ليست في أفغانستان فحسب، وإنما كانت موجودة في العراق إلى حدٍ سواء، ولذلك كان لا بد من التفكير عن البديل لهذا الوقود واستحداث طرق إبداعية أخرى أكثر أمنناً وسلامة لتوصيله من أجل ضمان توافر أي نوعٍ آخر من الوقود لهؤلاء الجنود وبشكل مستمر ودائم لا ينقطع.

وهذه الحوادث التي نراها أمامنا من حرق لصهاريج الوقود تجبرنا على الولوج في قضيةٍ خطيرة تهدد أمن واستقرار الدول، ألا وهي "أمن الطاقة" أو "سياسة الطاقة" التي تتبناها الكثير من دول العالم. فلو بحثنا وتعمقنا في القضية على النطاق الضيق، وهو تأمين خط إمداد الوقود للجيش الأمريكي في أفغانستان، أو غيرها من الدول التي تحتلها أمريكا، فقد اتجهت أنظار الجيش الأمريكي وجل أبحاثه ودراساته الميدانية نحو الطاقة النظيفة والمتجددة، وفي مقدمتها الطاقة الشمسية. فقد صنع الجيش الأمريكي الكثير من المنتجات والمعدات التي يحتاج إليها الجنود في الميدان تعمل وتشتغل بالطاقة الشمسية، مثل صناعة بطانيات متنقلة يمكن حملها بسهولة ويسر لشحن البطاريات، أو مصابيح الطاقة الشمسية، أو الكمبيوتر الذي يعمل على طاقة الشمس، أو مخيمات تعتمد على الألواح الشمسية لتوليد الكهرباء، وبهذه المعدات يخفض الجيش من اعتماده وحاجته إلى الوقود الأحفوري الذي ينقل عبر الصهاريج والشاحنات، وتكون عادة أهدافاً سهلة جداً يمكن تدميرها والقضاء عليها، ومنع وصول الوقود الذي يحتاج إليه الجنود بشكلٍ يومي ولا يمكن الاستغناء عنه.

وهذه المنتجات التي تعمل بالطاقة الشمسية تقع ضمن استراتيجية واضحة، وسياسة طويلة الأمد تتبعها أمريكا كجزء من أمن الطاقة وخفض الاعتماد مستقبلاً على مصادر الوقود الأجنبية، سواء أكانت من الدول العربية أو غيرها، وبالتالي تحقيق الاستقلالية التامة في مجال الطاقة.

وعلينا هنا أن نتعلم من خبرات وتجارب أمريكا في ميدان الطاقة، ونعمل على تصميم وإعداد سياسةٍ خاصة بنا، تتلاءم وتتوافق مع ظروفنا المحلية، وتتماشى مع أوضاعنا الحالية والمستقبلية. وفي تقديري فإنني ألخص هذه السياسة في النقاط التالية:
أولاً: رفع وزيادة كفاءة وفاعلية حرق الوقود في محطات توليد الكهرباء وفي المفاعلات الصناعية باستخدام أحدث الأجهزة والتقانات المتوافرة في السوق، وذلك بهدف خفض الاستهلاك من جهة، وتقليل انبعاث الملوثات القاتلة من جهةٍ أخرى.
ثانياً: استخدام كافة الوسائل والسبل لترشيد وخفض استهلاك الطاقة على مستوى المصانع والمحطات الحكومية وعلى مستوى المصانع الخاصة، إضافة إلى رفع مستوى الوعي الشعبي العام بضرورة وأهمية ترشيد الاستهلاك على المستوى الفردي في المنازل والمكاتب والمحلات التجارية.
ثالثاً: تقليل الاعتماد تدريجياً على الوقود الأحفوري الناضب وغير المتجدد والملوث للبيئة، سواء أكان هذا الوقود هو البترول ومشتقاته الكثيرة، أو الغاز الطبيعي، والولوج من الآن بقوة في ساحة مصادر الطاقة البديلة والمتجددة والنظيفة، سواء أكانت الطاقة الشمسية، أو طاقة الرياح، أو أي نوعٍ من أنواع الطاقة المتجددة التي تتناسب مع ظروفنا المحلية وواقعنا الخاص بنا.    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق