الاثنين، 21 يوليو 2014

أُكسفورد سِتريت



كل سائح يذهب إلى بريطانيا، وبالأخص العاصمة لندن، فإنه لا بد من أن يمشي ويتجول ويتسوق في أهم شارع في لندن وهو شارع أكسفورد، والمعروف عند الجميع بأكسفورد ستريت.


 


فهذا الشارع يُعد القلب التجاري والسياحي النابض بالحياة طوال اليوم وعلى مدى العام كله، ولكن ما لا يعلمه هذا السائح، وربما يستغرب ويندهش منه هو أن هذا الشارع يُعتبر من أكثر الشوارع في بريطانيا، وربما على المستوى الدولي تلوثاً، وأشدها فساداً من ناحية ارتفاع تركيز الملوثات، وبخاصة الدخان أو الجسيمات الدقيقة وثاني أكسيد النيتروجين، حيث أكد الخبراء في جامعة كينجز(King's College) في لندن أن "مستويات ثاني أكسيد النيتروجين تُعد الأسوأ في العالم".


 


فهذا الوضع البيئي والصحي السيء خلق عدة مشكلات لبريطانيا، غير تلك المتعلقة بتدهور البيئة وفساد نوعية الهواء الجوي وتدمير صحة الإنسان وموت أكثر من 4300 من سكان لندن كل عام ونحو 29 ألف بريطاني سنوياً، حيث وضع بريطانيا في موقفٍ قانوني حرجٍ جداً مع الاتحاد الأوروبي وقوانينه المتعلقة بجودة الهواء. فمنذ سنوات طويلة وجودة الهواء في بعض المدن العريقة كلندن، وبيرمينجهام، وليدز تتجاوز فيها نسبة بعض الملوثات عن الحدود المسموح بها، وتزيد مستوياتها بشكلٍ فاضحٍ مشهود عن المعايير الأوروبية المتعلقة بجودة الهواء، مما اضطر الاتحاد الأوروبي بعد سنواتٍ طويلة من الصبر والتهديد والوعيد إلى رفع قضية ضد بريطانيا في محاكم العدل الأوروبية لكي تقوم بريطانيا بتوفيق أوضاعها البيئية والتعهد بالتزامها بالمواصفات الأوروبية، ولذلك تواجه بريطانيا الآن موقفاً صعباً جداً يتمثل في غرامة مالية فُرضت عليها ويجب دفعها خلال السنوات القليلة القادمة وتبلغ 300 مليون جنيه إسترليني كل عام. 


 


ولو حَللنا الوضع البيئي في لندن خاصة لنتعرف على أسباب ومصادر هذا التلوث الشديد الذي يعاني منه سكان هذه المدينة التاريخية العريقة لوجدنا أن المتهم الرئيس هو سيارات الأجرة والحافلات التي تملأ شوارع لندن وتعمل بوقود الديزل، ولذلك فالحل يكمن في تغيير أو تحسين نوعية الوقود الذي يُسير هذه المركبات، ومن بين الحلول المطروحة هي استخدام السيارات التي تعمل بالطاقة الكهربائية.


 


وانطلاقاً من تجربة وخبرة لندن مع السيارات، فإنني أحذر من تكرارها في البحرين، فإن مقوماتها وأسباب وقوعها موجودة ومرئية للجميع، فالسيارات الآن في كل مكان، وأعدادها في ارتفاع مطرد لا تخفى على أحد، فهل نعمل على تفادي تجربة لندن، أم ننتظر حتى تنزل علينا، ثم نتحرك؟  


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق