الجمعة، 25 يوليو 2014

هل للتلوث علاقة بمرض السكري؟



إذا سألتَ طبيباً مختصاً بأمراض الغدد الصماء والسكري عن أسباب وقوع الإنسان في مرض السكري، فسيكون الجواب حتماً هو قلة الحركة والنشاط البدني وعدم ممارسة أي نوعٍ من أنواع الرياضة الجسمية، إضافة إلى البدانة والسمنة المفرطة وزيادة الوزن ونوعية وكمية المواد الغذائية التي يتناولها الإنسان بشكلٍ يومي.

فهذه هي الأسباب التقليدية المعروفة منذ سنوات لتعرض الإنسان لمرض السكري، ولكن في السنوات القليلة الماضية انكشف عامل آخر، وسبب جديد يؤدي إلى الإصابة بهذا المرض المزمن، وفي الحقيقة فإنه سبب لم يكن في الحسبان، ولم يخطر قط على بال أحد، وهو الملوثات البيئية الموجودة في الهواء الجوي والتي يتعرض لها الإنسان في كل ثانية من حياته، فلم يتوقع أحد أن بعض هذه الملوثات يحفز الإصابة بداء السكري الواسع الانتشار في مجتمعنا.

فالتلوث تحول الآن إلى رقمٍ صعب لا يمكن تجاهله وغض الطرف عنه، وأصبح عاملاً رئيساً في إصابة الإنسان بشتى أنواع الأمراض المزمنة والمستعصية من التعرض للسكتة القلبية وأمراض القلب الأخرى، أو أمراض السرطان بشتى أنواعها، أو الأسقام القاتلة التي تصيب الجهاز التنفسي وأعضاء الجسم الأخرى.

واليوم اكتشف العلماء حقيقة جديدة، وهي أن البعض من الملوثات التي نستنشقها كل ساعة ويتعرض لها كل إنسان كالجسيمات الدقيقة الصغيرة الحجم وثاني أكسيد النيتروجين وغيرهما المنبعثة من السيارات والمصانع، يزيد من احتمال إصابة الإنسان بمرض السكري من النوع الثاني، أي أن "التلوث" الآن يُضاف إلى العوامل التقليدية المعروفة للإصابة بالسكري.

وأضرب لكم عدة أمثلة من بين أمثلة كثيرة تؤكد وجود علاقة قوية وثابتة بين التعرض لفترة طويلة للملوثات وارتفاع احتمال الإصابة بالسكري. فهناك دراسة نُشرت في مجلة شؤون صحة البيئة الأمريكية(Environmental Health Perspective) في يناير 2014، وتبين أن التلوث، وبالتحديد الدخان أو الجسيمات الدقيقة يصيب الإنسان بحالة تُعرف بمقاومة الإنسلين(Insulin resistance)، وهي فشل خلايا الجسم في التجاوب مع وظيفة وعمل هرمون الإنسلين الموجود في الجسم، فالجسم يُنتج الإنسلين ولكن بعض الخلايا لوجود خللٍ في أحد أجزائه ومكوناته يقَاوم الإنسلين ويمنع القيام بوظيفته الطبيعية، وهي تنظيم نقل الجلوكوز أو السكر من مجري الدم إلى داخل الخلايا لتزويدها بالطاقة اللازمة للإنسان، وتَكُون النتيجة هي ارتفاع الجلوكوز أو السكر في الدم عن الحد العادي، مما يسبب مشكلات صحية متعددة، منها مرض السكري من النوع الثاني.

ودراسة ثانية نشرت فييوليو2013في مجلة شؤون صحة البيئة الأمريكية تحت عنوان:" مخاطر الإصابة بالسكري عند التعرض المستمر للجسيمات الدقيقة في مدينة أونتاريو الكندية"، وأُجريت على نحو نصف مليون إنسان يعيشون في مدينة أونتاريو بكندا، حيث أكدت أن التعرض لسنواتٍ طويلة للجسيمات الدقيقة يزيد من الوقوع في حالة مقاومة الإنسلين، وبالتالي الوقوع في فخ الإصابة بالسكري. كذلك نُشرت دراسة في يوليو 2013 في المجلة نفسها تحت عنوان:"تقييم العلاقة بين الملوثات العضوية الثابتة والمستقرة ومرض السكري"، حيث قامت بتقييم وتحليل الدراسات الوبائية السابقة المتعلقة بالموضوع، وعددها 72 وتَبَين أن هناك علاقة بين بعض الملوثات العضوية الثابتة التي تحتوي على عنصر الكلور والإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

ولذلك نجد أن "تلوث الهواء" أصبح الآن مصدراً وسبباً جديداً لتعرضنا للكثير من الأمراض المعروفة والمستجدة، حيث أدى، حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى هلاك قرابة 3.7 إنسان في عام 2012، مما اضطر هذه المنظمة الدولية المعنية بصحة الإنسان إلى تصنيف الهواء "كمادة مسرطنة"، وأنه"أهم سبب لتدهور صحة بني البشر وإصابته بأمراض مختلفة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق