الأربعاء، 2 يوليو 2014

غزو السجائر الالكترونية


تأمل معي هذه الأرقام والإحصائيات العلمية المـَوْثوق بها والمنشورة في مجلة التحكم في التبغ(journal Tobacco Control) في العدد الصادر في يوليو والتي بالفعل تُثير الاستغراب والدهشة والاستفسار، فهذه الإحصاءات تفيد بأنه منذ ولوج السجائر الإلكترونية في الأسواق الأمريكية عام 2007، فإن هناك الآن أكثر من 466 نوعاً من السجائر الإلكترونية التي تُباع مباشرة في الأسواق، أو عن طريق التسوق في بحر الإنْتَرنت، وهذه السجائر تُقدَّم إلى الناس بأكثر من 7764 طعماً ونكهةً ورائحة مختلفة حسب الأذواق والرغبات والميول الأهواء الشخصية المتنوعة، منها النعناع والفواكه بكل أنواعها والشكولاتة والفانيلا والحلويات والقهوة والشاي، وهذه الأرقام من ناحية عدد أنواع السجائر والنكهات الفريدة من نوعها في ازدياد مطرد شهرياً وليس سنوياً!

 

كذلك تأمل معي هذه المعلومات المنشورة في المجلة الأمريكية لطب الأطفال في العدد الصادر في يونيو وفي مجلة الجمعية الأمريكية للقلب(Circulation)، حيث تفيد بأن زهاء 1.78 مليون شاب أمريكي جربوا السجائر الإلكترونية وأن هذا العدد تضاعف خلال عامي 2011 و 2012، إضافة إلى تضاعف العدد بين طلاب المدارس حيث ارتفع من 4.7% في عام 2011 إلى 10% في 2012، وفي بريطانيا أيضاً زاد عدد مدخني السجائر الإلكترونية من 700 ألف عام 2012 إلى 2.1 مليون عام 2013، ولذلك فإن مبيعات السجائر الإلكترونية بلغت قرابة بليونين دولار سنوياً في أمريكا، ونحو عشرة بلايين على المستوى الدولي. وفي المقابل أكدت هذه الدراسات أن مشاهدة دعايات السجائر الإلكترونية زادت بنسبة 256% من عام 2011 إلى 2013.

 

واستناداً إلى هذه الإحصائيات والمعلومات العلمية حول السجائر الإلكترونية، ألا تتفق معي بأن هناك غزواً فعلياً وممنهجاً للسجائر الإلكترونية في مجتمعاتنا؟

 

وهذا الغزو لم يأت عشوائياً وبدون تخطيطٍ وتدبيرٍ عميقين، وإنما تقف وراءه قوى متنفذة وشيطانية ماكرة تعمل ليلاً ونهاراً وبكل ما أوتيت من مكرٍ ودهاءٍ وخبث، وتستخدم كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة لنشر هذه الآفة الجديدة بين الشباب وتشجيعهم على الإدمان على استخدامه.

 

فمن الملاحظ أن معظم الشركات المنتجة للسجائر الإلكترونية هي نفسها التي تقوم الآن بإنتاج السجائر التقليدية، وتقوم بتسويقها تحت عدة مبررات وأسباب، فتارةً تَدعي بأن هذه السجائر الإلكترونية أكثر أماناً وأقل ضرراً من الناحيتين الصحية والبيئية على المدخن، وتارةً أخرى تقول بأن هذه السجائر صُممت وأُنتجت من أجل أن يعزف المدخن تدريجياً عن تدخين سجائر التبغ التقليدية، كما أنها أقل ثمناً منها. 

 

وبالنسبة لي شخصياً فإنني لا أصدق كلياً هذه الشركات ولا أثق بما تقول، فهي أصبحت الآن تُردد الاسطوانة القديمة نفسها عندما أدخلت في الأسواق لأول مرة السجائر بشكلٍ عام، ثم بعد أن أَثبت وأَجمع العلماء على ضررها الفادح والمدمر على الصحة والبيئة، كرروا الاسطوانة المشروخة مرة ثانية، ولكن بالنسبة للسجائر "الخفيفة"، أو السجائر "منخفضة القطران"، وقالوا بأنها قليلة الضرر على الصحة، وهكذا عبر التاريخ تأكد كذبهم المستدام، وتلفيقهم المستمر للحقائق والتستر عليها وإخفائها عن عامة الناس.

 

ولذلك وضعت إدارة الغذاء والأدوية الأمريكية في 24 أبريل 2014 نظاماً يُقنن استخدام السجائر الإلكترونية من ناحية الإنتاج، والتوزيع، والتسويق، والإعلان، مثل منع بيعها على الأطفال، ومنها إجبار شركات إنتاج السجائر الإلكترونية على الإعلان عن محتواها، إضافة إلى وضع إعلانات تحذيرية تفيد بأن النيكوتين يسبب الإدمان، وانطلاقاً من هذا النظام الجديد أعلنت 28 ولاية عن منع بيعها على الأطفال.

وإنني على يقين بأن الوقت كفيل بالكشف عن الأسرار الضارة الخفية لهذه البدعة الجديدة في عالم السجائر، وستعلمن نَبَأَهُ بعد حين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق