الجمعة، 10 أكتوبر 2014

متى سنشهد تحالفاً دولياً لمواجهة التغير المناخي؟



منذ قمة الأرض التي عُقدت في ريو دي جانيروا في البرازيل عام 1992 وقضية التغير المناخي تتصدر على "الورق" فقط المشهد البيئي الدولي، ولكن دون تقدم فعلي حقيقي مشهود يتلمَّسه سكان الأرض، وينعكس إيجابياً على الموارد والثروات الطبيعية الحية وغير الحية، ويُـخفض من سخونة وحرارة الكرة الأرضية.

فقمة ريو دي جانيرو تمخضت عنها اتفاقية إطارية غير ملزمة للتغير المناخي، ثم بعد مرور خمس سنوات جاء مؤتمر كيوتو في اليابان لعام 1997حيث اتفقت دول العالم، وبخاصة الدول الصناعية والنامية، على خفض انبعاثاتها من الملوثات المتهمة بالتغير المناخي ورفع درجة حرارة الأرض، ولكن هذا الاتفاق لم ير النور في الواقع التطبيقي وأُدخلت في غيابة أرشيف قضية التغير المناخي، فمعظم دول العالم تراجعت عن مواقفها السابقة المؤيدة للبرتوكول، وتخلت عن التزاماتها وتعهداتها في خفض انبعاث الملوثات إلى الهواء الجوي، وعلى رأس هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية المسؤول الأول عن التغير المناخي ورفع درجة حرارة الكرة الأرضية، وذلك عندما رفض الكونجرس المصادقة على بروتوكول كيوتو، بل والأشد من ذلك خطورة أن أمريكا انسحبت كلياً من بروتوكول كيوتو في 2001، مما أدى إلى وفاة هذه الاتفاقية فعلياً ونقلها إلى مثواها الأخير تحت الأرض.

ومنذ ذلك الوقت، أي منذ عام 1997 ونحن نسير في نفقٍ مظلمٍ مخيف، لا نرى أي بصيصٍ للنور في نهايته أو أية شعلة للأمل، بل وأصبحنا نراوح في أماكننا دون أي تقدمٍ أو تطور يذكر في ساحة التغير المناخي، فجاءت المؤتمرات ولقاءات القمة واحدة تلو الأخرى وكانت جميعها مضيعة للوقت وهدراً للمال وتلويثاً للهواء الجوي بسبب الانتقال والسفر بين دول العالم، حتى عُقِدَت بعض الآمال على قمة كوبنهاجن في عام 2009 التي شارك فيها الرئيس الأمريكي ورؤساء ورؤساء حكومات الكثير من دول العالم، ولكن جاءت هذه القمة مخيبة للآمال، وزادت من خيبة الأمل وفقدان الرجاء والثقة برجال السياسة في كل دول العالم، وبعدها أخذنا نرجع للوراء بدلاً من أن نتقدم أي خطوة إلى الأمام، بل ورجعنا إلى المربع الأول ونقطة الصفر مرة ثانية، أي إلى ما كُنَّا عليه قبل 17 عاماً، وهي البدء في الخطوة الأولى، أي إلى ما قبل اجتماع كيوتو لعام 1997، فانتقل رجال السياسة والبيئة في جولات سياحية مدفوعة الأجرة كاملة بحجة  المشاركة في اجتماعات التغير المناخي في مختلف مدن العالم دون جدون ودون أية فائدة مثمرة، فاجتمعوا في الهيج بهولندا عام 2000، ونيودلهي، وميلان، ومونتريال، ونيروبي، وبالي، وبولندا، ثم منتجع كنكون في المكسيك عام 2010، وديربن في دولة جنوب أفريقيا في 2011،والدوحة، ووارسو في بولندا عام 2013، ثم قمة التغير المناخي التي عقدت ليوم واحد فقط في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في 23 سبتمبر من العام الجاري، وأخيراً الاجتماع المرتقب في ديسمبر في مدينة ليما في بيرو.

والغريب حقاً أنك عندما تستمع إلى خطابات رؤساء الدول ستقتنع بأنهم أول المدافعين عن قضية التغير المناخي، وأنهم يسعون جادين للوصول إلى اتفاقية ملزمة للجميع لخفض الملوثات التي تنطلق من أنشطتهم التنموية، فعلى سبيل المثال قال أوباما في خطابه في الأمم المتحدة في 23 سبتمبر من العام الجاري أن عدم العمل لمكافحة التغير المناخي يُعد "خيانة للأجيال القادمة"، ولكن نسي أوباما وهو يتحدث أمام العالم بأن الأمر بيده كلياً، وهو يستطيع قيادة وإقناع دول العالم لعقد اتفاقية دولية ملزمة من أجل التغير المناخي، كما يقود الآن فعلياً تحالفاً دولياً من نحو خمسين دولة لمحاربة داعش أو تنظيم الدولة الإسلامية وبكُلفة خيالية قدَّرتها أمريكا بنحو 500 مليار دولار!

فالحقيقة المـريرة في تقديري ومن خلال قراءتي للأحداث المتعلقة بالتغير المناخي على مدى عقدين من الزمن، أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والدول الصناعية الكبرى لن تتحرك، أو تتقدم خطوة واحدة للأمام في قضية التغير المناخي إلا إذا تأكدت كل منها على حدة، بأن مصالحها الاقتصادية والتنموية لن تتأثر ولن تتضرر كلياً بأي إجراء، أو عمل، أو برنامج لمواجهة التغير المناخي، فعندئذٍ فقط سنشهد تحالفاً دولياً لمحاربة هذه القضية الشائكة والمعقدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق