الاثنين، 13 أكتوبر 2014

اشتعال مياه الشرب في المنازل!


المعروف علمياً وواقعياً أن المياه هي التي تُطفئ الحريق، وتُخْمد كل شيء يشتعل، أما أننا نقرأ عن مياهٍ تشتعل بنفسها، وتتحول إلى لهبٍ حارق، فهذا ما لم نسمعه في آبائنا الأولين!

 

ولكننا الآن في قرن الغرائب، فلا عجب أن نرى أمامنا المياه وهي يحترق، فقد شاهدتُ بأمي عيني واقعة تؤكد هذه الظاهرة، وهذه لم تكن ضرباً من السحر، أو خفة في الحركة، أو حيلة محكمة التنفيذ، فقد بَثَّ التلفزيون الأمريكي مؤخراً فيلماً وثائقياً يبين فيه هذه الواقعة في بعض المنازل في أمريكا، وأُطلق عليها بأرض الغاز(Gasland)، حيث يكشف الفيلم عدة مشاهد لأصحاب هذه المنازل وهم يفتحون حنيفة أو صنبور الماء في المنزل، فتخرج منها شعلة لهب كبيرة لا تنطفئ إلا بعد إغلاق الحنفية!

 

وأكدت على وجود هذه الظاهرة دراسة علمية منشورة في 15 سبتمبر من العام الجاري في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، فقد أخذ الباحثون عيناتٍ من المياه من هذه المنازل لتحليلها ومعرفة مكوناتها، وتأكد بعد التحليل المخبري أنها مشبعة بنسبٍ عاليةٍ من غاز الميثان القابل للاشتعال والذي يُعد المكون الرئيس للغاز الطبيعي.

 

ولكن اللغز الذي حيَّر هؤلاء العلماء هو من أين جاء هذا الغاز؟ وكيف اختلط بمياه الشرب في منازل المدينة؟

 

وبعد سنوات من الأبحاث الميدانية المعمقة التي تَتَبعت مسار الغاز وراقبت مصدره، تأكد أنه قد تسرب من باطن الأرض، وبالتحديد من آبار الغاز الطبيعي في المنطقة، فانتقل مع الوقت ودخل في طبقات المياه الجوفية التي تستخدم للشرب في تلك المنطقة، ومنها إلى المحطة الأخيرة وهي مياه الشرب في المنازل.

 

وهذه الظاهرة السحرية العجيبة المتمثلة في اشتعال المياه المنزلية لها تداعيات أخرى أكثر خطورة، وأشد وطأة على الناس، فهذا الغاز القابل للاشتعال يتسرب في بعض الأحيان من خلال أنابيب المجاري من خارج المنزل إلى الحمامات في داخل المنزل، فيبدأ في التراكم مع الوقت إلى أن يصل إلى درجة يصبح فيها قابلاً للانفجار، فيتحول إلى قنبلة موقوتة تنفجر في وجود أية شعلة أو مصدر للحرارة، وهذه الظاهرة تشبه ما نسمع عنه في بعض الأوقات عن انفجار مطبخٍ برمته بسبب تسرب هذا الغاز نفسه من الفرن المنزلي دون علم أصحاب المنزل.

 

ولذلك لا بد من أخذ الحذر والحيطة من غاز الميثان من خلال التعرف على كافة مصادره وتتبع تحركاته، سواء من آبار الغاز الطبيعي أو من مواقع دفن القمامة المنزلية، حتى نجنب أنفسنا وقوع مثل هذه الحوادث المؤلمة والقاتلة.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق