الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

التغير المناخي يُهدد الأمن القومي


عندما يُصرح أي وزيرٍ للدفاع، أو يُلقى خطاباً، فإن فحوى وجوهر الخطاب سينصب دائماً على الجانب الأمني والبعد المتعلق باستقرار وسلامة البلاد والمواطنين، وسيكون الهاجس الأمني هو المسيطر على اهتمامات هذا الوزير، ولكن الخطاب الذي ألقاه وزير الدفاع الأمريكي تشك هيجل في بيرو في 13 أكتوبر في مؤتمر وزراء دفاع الدول في القارة الأمريكية والمكون من 34 دولة، قد خرج عن هذا التقليد، وانحرف عن هذا العُرف في خطابات وكلمات وزراء الدفاع.

 

فقد ركز وزير الدفاع الأمريكي على قضيةٍ بيئيةٍ بحتة تُناقَش عادة في اجتماعات وزراء البيئة، وهي ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية، حيث وصف قضية التغير المناخي بأنها تمثل "تهديداً مضاعفاً" للبشرية جمعاء، أي أنها قضية معقدة ومتشابكة وذات أبعادٍ كثيرة، وربط في خطابة هذه التهديدات التي تشكلها مشكلة التغير المناخي بالجانب الأمني واستقرار الدول والحكومات.

 

فقال الوزير في خطابه إن "وزارة الدفاع الأمريكية تأخذ المخاطر الناجمة عن التغير المناخي بجدية بالغة، وهي اليوم تُدشن خارطة طريق جديدة للتكيف مع التغير المناخي، كما تضع الخطوات الرئيسة لمواجهة التحديات التي تنجم عن التغير المناخي، وستدمج هذه التحديات ضمن خطة وبرامج الوزارة"، وختم وزير الدفاع خطابة قائلاً: "يجب علينا أن نضع نصب أعيننا التهديدات الأمنية التي يسببها التغير المناخي، ويجب أن نتخذ خطوات استباقية لمواجهته".

 

وقد استخلص وزير الدفاع خطابه من التقرير المنشور من وزارته تحت عنوان: "خارطة الطريق لعام 2014 للتكيف مع التغير المناخي"، حيث جاء فيه "إن التغير المناخي يؤثر على قدرات أمريكا للدفاع عن نفسها، ويشكل مخاطر فورية على الأمن القومي الأمريكي من حيث إن ارتفاع مستوى سطح البحر يُغرق القواعد العسكرية في أمريكا وحول العالم".

 

كما أكد التقرير المنشور من المجلس الاستشاري العسكري، والذي يتشكل من 16 جنرالاً أمريكياً متقاعداً، على هذه العلاقة الوثيقة بين التغير المناخي والأمن القومي والدولي، حيث ورد فيه أن "التغير المناخي يُعد عاملاً مساعداً لنشوب النزاعات، وأنه عامل من عوامل عدم الاستقرار، ويشكل بذرة خصبة لنشؤ العنف والحروب".

 

وليست هذه هي المرة الأولى التي يؤكد فيها مسئول أمريكي عن دور التغير المناخي في زعزعة الأمن، وتدهور الاستقرار، وإحداث أعمال العنف والشغب، فقد ألقى كيري وزير الخارجية خطاباً في 16 فبراير من العام الجاري في العاصمة الإندونيسية جاكرتا أمام حشدٍ من الطلاب حذر فيه إلى أن التغير المناخي بسبب أنشطة الإنسان من المصانع والسيارات ومحطات توليد الطاقة يُهدد أسلوب ونمط حياته، ويُعد خطراً شديداً لا بد من مواجهته بشكلٍ جماعي مشترك وبصورة عاجلة، لأنه يعتبر، حسب وصف كيري "التحدي الأعظم لجيلنا هذا". كما أضاف قالاً بأن التغير المناخي يُعد "سلاحاً آخر من أسلحة الدمار الشامل، وربما السلاح الأخطر والأكثر فزعاً من بين أسلحة الدمار الشامل". وعلاوة على ذلك فقد صنَّف وزير الخارجية الأمريكي قضية التغير المناخي مع القضايا المصيرية والرئيسة الأخرى التي تتصدي لها أمريكا منذ سنواتٍ طوال، كقضية الإرهاب، والفقر، وأسلحة الدمار الشامل. 

 

ولذلك إذا أردنا على المدى البعيد أن نحافظ على استدامة أمننا واستقرارنا، فعلينا أن نُبعد عنا كل العوامل التي لها صلة بهدم الأمن وإحداث النزاعات وأعمال الشغب والعنف، ولا ننسى أن حماية البيئة ومكوناتها من التلوث، وبالتحديد حماية كوكبنا من الملوثات التي تؤدي إلى ارتفاع سخونته ودرجة حرارته من العوامل التي تصب في حماية أمننا واستقرارنا.

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق