الجمعة، 28 نوفمبر 2014

دراسة حول "البيئة" في البرامج الانتخابية للمترشحين


أَجريتُ دراسة سريعة لمحتوى البرامج الانتخابية للمترشحين لمجلس النواب، من حيث تضمين البعد والهم البيئي في قائمة البرامج التي طرحها كل مترشح، فقد قُمتُ بجمع عينة عشوائية من البرامج الانتخابية لمائة مترشح من المحافظات الأربع، وهي العاصمة، والمحرق، والشمالية، والجنوبية.

وقد هَدفتْ هذه الدراسة البسيطة إلى الإجابة عن عدة أسئلة، كما يلي:
أولاً: كم مرة وردت كلمة "البيئة" في البرنامج الانتخابي لكل مترشح لمجلس النواب؟
ثانياً: ما هي القضايا البيئية المطروحة في البرنامج الانتخابي لكل مترشح لمجلس النواب؟ وهل هذه القضايا ذات أولوية ومرتبطة بالواقع المحلي؟
ثالثاً: هل هناك علاقة بين الاهتمام بالقضايا البيئية وبين المحافظات، وبخاصة المحافظات التي توجد بها مناطق صناعية ومصانع ثقيلة؟

وبعد إجراء تحليل المضمون للبرامج الانتخابية للمترشحين في عينة الدراسة، وصلتُ إلى النتائج التالية:
أولاً: ذُكرتْ كلمة "البيئة" 11 مرة فقط في كافة البرامج الانتخابية لمائة مترشح، حيث إن 90 مترشحاً لم يتطرقوا كلياً إلى قضية البيئة وشؤونها التي تخص كل إنسان يعيش على هذه الأرض الطيبة.
ثانياً: بالنسبة للمترشحين الذي تنالوا قضية البيئة في برامجهم الانتخابية، فلم يطرح معظمهم قضية بيئية محددة، وإنما ورد ذكر عبارة "حماية البيئة من التلوث"، أو "حماية السواحل"، أو غيرهما من العبارات العامة التي لم تُعرَّف مشكلة محددة ذات أولوية نعاني منها في المجتمع البحريني، كما إنهم لم يقدموا برنامجاً واضحاً وعملياً لمواجهة وعلاج أية قضية بيئية.
ثالثاً: لم أجد هناك علاقة بين المحافظات التي تعاني من مشكلة بيئية كوجود المناطق الصناعية والمصانع الثقيلة والملوثة للبيئة واهتمام المترشح بهذه المشكلة الموجودة في محافظته.

وانطلاقاً من هذه النتائج أستطيع أن أقول بأن البعد البيئي جاء ضعيفاً في البرامج الانتخابية، ولم يرق إلى المستوى المطلوب، ولم يتناسب مع أهمية وأولوية القضايا البيئية المتعلقة بشكلٍ مباشر بالصحة العامة. فالاهتمام بالجانب المعيشي والاقتصادي للمواطن نال حيزاً كبيراً من الاهتمام والرعاية من جميع المترشحين، وهذه قضية حيوية تعتبر من هموم الشعب البحريني اليومية ولا يختلف عليها أحد.

ولكن دعوني أطرح سؤالاً جوهرياً على الجميع وهو: ما فائدة "المال" إذا كانت البيئة ملوثة وتحيط بها السموم والملوثات من كل مكان؟ وما فائدة "المال" إذا كانت البيئة غير صحية وتُعرض الإنسان للأمراض المستعصية والمزمنة؟

فهذا "المال" الذي قد يحصل عليه الإنسان سيصرفه كله على علاج نفسه وأسرته من الأسقام والعلل التي تنزل عليه بسبب وجود الملوثات المسببة للأمراض في الهواء أو التربة أو ماء البحر.

فمن المفرض إذن أن تكون البرامج الانتخابية للمترشحين متوازنة ومتكاملة بحيث إنها لا تركز وتهتم كلياً بجانب واحد يحتاج إليه الإنسان، وهو الجانب الاقتصادي، وينسى كلياً هموم وشؤون الجوانب الأخرى التي لا تقل أهمية وأولوية بالنسبة للمواطن، ولا سيما الجانب البيئي الصحي.

ولا بد لي هنا لأبين وأدلل على أهمية الجانب البيئي أن أُلفت عناية كافة المترشحين إلى وثيقتين معتمدتين من الشعب، وهما الدستور وميثاق العمل الوطني. أما الدستور فقد قدَّم الفصل الثاني منه تحت عنوان "المقومات الأساسية للمجتمع" وبالتحديد المادة التاسعة ح أن "تأخذ الدولة التدابير اللازمة لصيانة البيئة والحفاظ على الحياة الفطرية"، وميثاق العمل الوطني أورد في الفصل الثالث، المادة الخامسة تحت عنوان: "البيئة والحياة الفطرية" ما يلي: "نظراً للضغط المتزايد على الموارد الطبيعية المحدودة فإن الدولة تسعى للاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والتنمية غير الضارة للبيئة وصحة المواطن...".

ولذلك أتمنى أن لا نتجاهل هموم البيئة، فصلاحها صلاح وتنمية للإنسان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق