السبت، 12 مارس 2016

قرار وزير الصناعة والتجارة والسياحة


استغربتُ كثيراً من القرار الصادر في الثامن من مارس من العام الحالي لوزير الصناعة والتجارة والسياحة بشأن السماح للشيشة الإلكترونية وعبواتها ومتعلقاتها من الدخول إلى البحرين للاستخدام الشخصي فقط، حيث قرأتُ رسالة إلكترونية، تناقلتها أيضاً وسائل التواصل الاجتماعي والصحف المحلية في 11 مارس وموجهة إلى مدراء الإدارات الجمركية، مفادها "الإفساح الجمركي عن الشيشة الإلكترونية وعبواتها ومتعلقاتها للاستخدام الشخصي فقط، علماً بأنه سيتم وضع آلية للكميات ذات الطابع التجاري في المستقبل القريب".

 

فإنني وانطلاقاً من هذا القرار المتَعجل وغير المدروس صحياً وبيئياً واجتماعياً، أريد أن أؤكد على حقيقة مهمة جداً وهي أن المسميات المتعددة، والمختلفة ظاهرياً لعملية "التدخين" يجب أن لا تُبعدنا عن الحقائق العلمية والطبية والبيئية التي أَجمعتْ عليها منظمات الأمم المتحدة ذات العلاقة بالصحة والبيئة والأمن والسلامة من جهة، وأجمع عليها مجتمع الأطباء والعلماء من جهةٍ أخرى حول الأضرار الصحية والبيئية والاقتصادية والأمنية للتدخين، وهنا أخص بالذكر البدعة الجديدة، والمنتج الشيطاني الحديث الذي ظهر علينا بوجهٍ مغرٍ جديد، وثوبٍ صحي مزيف، وهو السجائر، أو الشيشة الإلكترونية.

 

فبالرغم من وجود الشيشة أو السجائر الإلكترونية في الأسواق لسنواتٍ قليلة جداً، إلا أن وجهها القبيح بدأ ينكشف بسرعة، وسلبياتها ومردوداتها الخطرة من ناحية الأمن والسلامة، والصحة، والبيئة ظهرت أمام الملأ وإلى العَلَن بدرجةٍ مفضوحة لا يمكن إنكارها أو تجاهلها، وتهديداتها باتت مشهودة ولا يمكن لأحد تجاهلها سواء أكانت على المستوى الشخصي أو الجماهيري والعام.

 

ودعوني في هذه العجالة، أن أُلخص لكم أهم الانعكاسات السلبية لهذا النوع الجديد للسجائر، كما يلي:

 

أولاً: أما من ناحية الأمن والسلامة للأفراد والجماعات فقد تم خلال السنوات الماضية توثيق الكثير من الحوادث المختلفة، منها على سبيل المثال لا الحصر، احتراق بيت بسبب انفجار بطارية أيون الليثيوم للسجائر الإلكترونية، ومنها انفجارها في وجه أحد المدخنين، ومنها انفجار هذه البطاريات ونشوب حريق في أحد مطارات الشحن في الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها نشوب حريق في محطة للمحروقات، ومنها وقوع انفجار أثناء وضع السيجارة في جيب أحد المدخنين وحدوث حريق في الملابس وحروق بليغة في الجلد، ومنها حوادث في طائرات للشحن تحمل على متنها البطاريات، وموت أربعة طيارين، ونتيجة لهذه الحوادث فقد أعلن مجلس الهيئة الدولية للطيران المدني في 23 فبراير من العام الجاري، وهي هيئة الأمم المتحدة المعنية بالطيران المدني، منع نقل البطاريات في الشحن في طائرات المسافرين، وسيبدأ تنفيذ القرار في الأول من أبريل.

ثانياً: هذه السجائر تستخدم النيكوتين السائل، ومن المعروف أن النيكوتين يسبب الإدمان وهو مركب سام.

ثالثاً: هناك أكثر من 500 نوعٍ من السجائر الإلكترونية تحتوي على أكثر من 7000 نكهة مختلفة، ولا يعلم أحد عن هوية ونوعية هذه النكهات والمضافات الأخرى.

رابعاً: أكدت دراسة منشورة في مجلة علم الأورام(Oncology) في العدد المنشور في 29 ديسمبر من العام المنصرم أن الأبخرة التي تنبعث من السجائر الإلكترونية تؤدي إلى تلف خلايا الإنسان، وبالتحديد تدمير الخلايا الوراثية الـ دي إن أيه(DNA)، مما يُحول هذه الخلايا إلى خلايا سرطانية، وبالتالي موت هذه الخلايا وإصابة الإنسان بالسرطان.

خامساً: أفادت دراسة في مجلة شؤون صحة البيئة الأمريكية في العدد ديسمبر من العام المنصرم حول المضافات التي توضع في السجائر، وأكدت أن الأبخرة المنبعثة من المدخن تحتوي على مركبات خطرة ومسرطنة، منها وأسيتوين(acetoin) و(2,3-pentanedione) وداي أسيتيل(diacetyl)، والفورمالدهيد، وجدير بالذكر أن مركب الداي أسيتيل بالتحديد تَنجم عند التعرض له حالة مرضية قاتلة تُطلق عليها رئة الذرة الصفراء(popcorn lung)، وعلمياً تُعرف بمرض( bronchiolitis obliteransوهو مرض مرعب يصيب الجهاز التنفسي ويُعد نوعاً من سرطان الرئة.

 

  واستناداً إلى هذه الحقائق الأمنية، والطبية والصحية، أتمنى من وزير الصناعة والتجارة والسياحة مراجعة هذا القرار ومنع هذه السجائر كلياً، كما أتمنى من وزارة الصحة تقييم قراراتها السابقة بالنسبة لكافة أنواع السجائر والعمل على منعها من البحرين بشكلٍ مرحلي حتى نكون البلد الأول الخالي من التدخين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق