الأربعاء، 23 مارس 2016

أطفال يَرْفَعُون دعْوى ضد أوباما


21 طفلاً وشاباً أمريكياً يمثلون عدة ولايات أمريكية يَتَحدون الحكومة الأمريكية ويرفعون صوتهم ويقيمون دعوى قضائية في التاسع من مارس من العام الجاري في إحدى محاكم ولاية أوريجن(Oregon) ضد رئيسهم أوباما والعديد من المؤسسات الاتحادية بسبب تقاعسهم عن حماية الأرض وحماية الولايات المتحدة الأمريكية من تداعيات التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الأرض.

 

فلماذا التركيز إذن من أطفال أمريكا على هذه القضية بالتحديد، ولماذا هذا الاهتمام الكبير والمباشر بمشكلة التغير المناخي دون سواها من القضايا البيئية الكثيرة والمتعددة؟

 

فمن المعلوم أن القضايا البيئية تختلف من عدة نواحي، منها النطاق الجغرافي لتأثيراتها السلبية الضارة، فمنها ما لا تتعدى مردوداتها الخطرة حدود المدينة أو الدولة نفسها، أي أن الأضرار تقع في حدود جغرافية ضيقة، ومنها ما تغطي آثارها الكرة الأرضية برمتها مثل التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الأرض. كذلك هناك قضايا بيئية تقع انعكاساتها على الإنسان والبيئة وبشكلٍ مباشر وبعد فترةٍ قصيرةٍ من الزمن وضحاياها يسقطون فوراً وأمام أعيننا، ولذلك لا تتأثر بها الأجيال القادمة، وفي المقابل نُعاني الآن من مشكلات بيئية "مستقبلية"، أي أن مردوداتها وتهديداتها تكون بعد فترة طويلة نسبياً من الزمن، فربما الجيل الحالي لن يشهد هذه المخاطر الناجمة عنها، وإنما ستقاسي منها الأجيال القادمة من أطفالنا وشبابنا وستكون الأجيال اللاحقة المتضرر الأول والمتألم الرئيس من تداعيات وقوع هذه القضايا، وعلى رأسها قضية التغير المناخي.

 

فهذه الأسباب هي التي حَرَّكت جيل الأطفال للمُضي قُدماً وبأقصى سرعة ضد الحكومة الأمريكية، والتي تُعتبر المتهم الرئيس على مستوى الكرة الأرضية في إحداث ظاهرة التغير المناخي، والعمل مع بعض كقوة شعبية على رفع القضية إلى القضاء لإلزام البيت الأبيض على اتخاذ الإجراءات الوقائية الضرورية لمنع وقوع هذه الظاهرة، والحد من تداعياتها المدمرة القادمة على سلامة البيئة وكوكب الأرض وصحة الكائنات الحية التي تعيش عليها. 

 

وعلاوة على ذلك، فقد استند الأطفال والشباب في دعوتهم هذه على الدستور الأمريكي الاتحادي وعلى قوانين الولايات وأنظمة وقرارات الأجهزة البيئية المختصة بحماية البيئية، والتغير المناخي بصفةٍ خاصة. فبنود الدستور والمبادئ الرئيسة التي يقوم عليه، تؤكد على واجبات الحكومة الأمريكية في حماية المـُلكيات الشخصية والحريات وموارد وثروات البيئة الحية وغير الحية، إضافة إلى المحافظة على سلامة وأمن المواطن ووقايته من كل عاملٍ خارجي أو داخلي يؤثر عليه حالياً ومستقبلاً، وحقه الدستوري في أن يعيش في بيئةٍ سليمةٍ وآمنةٍ لا تَضُر بصحته ولا تهدد حياته بالخطر، فمن حَقِ المواطن أن يستنشق هواءً عليلاً ونقياً، ومن حق المواطن أن يشرب ماءً عذباً زلال يُعينه على البقاء والحياة، ومن حق المواطن أن يعيش فوق تربةٍ صحيةٍ سليمةٍ ونظيفة خالية من الملوثات والسموم فلا يتعرض للأمراض والعلل والأسقام المزمنة.

 

فالحكومة الأمريكية نتيجة لعدم جديتها وحزمها في سن التشريعات والأنظمة لحماية الإنسان الأمريكي من الوقوع في شباك التغير المناخي قد خالفت نص الدستور وروحه، وانتهكت بنوده الرئيسة، ولم تَقُم بواجباتها ولم تؤد دورها في توفير وتأمين هذه الحقوق الأساسية للمواطن في هذا الجيل والأجيال اللاحقة، ونتيجة لذلك فإنها ستُعرِّضْ المواطنين، وبخاصة فئة الأطفال والشباب لتهديدات مستقبلية تمس استدامة حياتهم على الأرض.

 

فما يحدث الآن في الولايات المتحدة الأمريكية قد يقع في أية دولةٍ من دول العالم، فالمشهد واحد وقضية التغير المناخي عامة ومشتركة بين الدول، وتأثيراته تَعُم الكرة الأرضية برمتها ولن تكون أية دولة، أو أي إنسان بمنأى وبمعزل عن تداعياته وانعكاساته المدمرة، وفي المقابل أيضاً حقوق الإنسان والمواطن في أية دولةٍ على وجه الأرض لا تختلف، وبخاصة حقه في أن تُوفر له الحكومة البيئة الصحية والسليمة والآمنة لكي يعيش فيها، وتُؤمِّن له الهواء الصحي، والماء النقي، والتربة النظيفة.

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق