السبت، 19 مارس 2016

صحيفة "أمريكا اليوم" تفضح أمريكا


صحيفة «أمريكا اليوم»، أو «يو إس إيه توداي» تُعد الصحيفة اليومية الأكثر انتشاراً وشعبية في الولايات المتحدة الأمريكية، فأخبارها ومقالاتها وتحليلاتها ترُكز على المستوى الاتحادي الفيدرالي، وتهتم منشوراتها وتحقيقاتها في طرح الشؤون والهموم الأمريكية التي تخص عموم الناس في الولايات، ويقاسي منها معظم المواطنين الأمريكيين.
فقد خَصصتْ هذه الصحيفة المرموقة عددها الصادر في 16 مارس لقضيةٍ بيئيةٍ صحيةٍ عامة وخطيرة تهدد بيئة وصحة الإنسان الأمريكي، حيث نَشرتْ ثلاثة مقالات موسعة، وتحقيقات حصرية رئيسية ومطولة تعالج كل الجوانب المتعلقة بهذه المشكلة الأمريكية المنتشرة بشكلٍ واسع في الكثير من المدن العريقة والكثيفة بالسكان.
وجدير بالذكر فإن هذه القضية تُعتبر من المشكلات القديمة التي اكتشفت في الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من قرن، وحاولت الجهات المعنية معالجتها ووضع الحلول المناسبة للتخلص منها منذ السبعينيات من القرن المنصرم، إلا أنه على الرغم من هذه الجهود، فإنه مازالت جذور المشكلة متأصلة في المجتمع الأمريكي وضاربة أطنابها في البيئة الأمريكية، ومازال المواطن الأمريكي، وخاصة الأطفال والشباب يُعانون من تداعياتها ومردوداتها السلبية الضارة والقاتلة.
فقد تناولت «شبكة أمريكا اليوم» في تحقيقاتها وتقاريرها انتشار ظاهرة ارتفاع تركيز عنصر الرصاص السام في مياه الشرب على مستوى مدن الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أكدت التحقيقات التي غطت فترة زمنية من عام 2012 حتى 2015 وشملت كل ولايات أمريكا، أن كل الولايات الخمسين في أمريكا تُقدم مياهاً للمواطنين للشرب ملوثة ومسمومة بعنصر الرصاص، ولكن بدرجاتٍ مختلفة، حتى أن أعلى مستوى للرصاص بلغ في عينة من ماء الشرب في ولاية كاليفورنيا وكان التركيز 15 ألف جزء من الرصاص في البليون جزء من ماء الشرب، علماً أن مواصفات ومعايير وكالة حماية البيئة المعنية بتركيز الرصاص في مياه الشرب يجب ألا يزيد على 15 جزءاً من الرصاص في البليون جزءٍ من ماء الشرب. ومن أشد الولايات معاناة من تسمم وتلوث مياه الشرب هي على الترتيب: تكساس، بنسلفانيا، نيويورك، كاليفورنيا، نيوجيرسي، وسكونسن، مين، جورجيا، فلوريدا، نورث كارولينا، كونكتيكت، ماساشوستس، فيرمونت، إلينوي، فيرجينا، كولورادو، أوهايو.
كما كشفت تقارير الصحيفة أن هناك نحو 75 مليون وحدة سكنية في أمريكا تم بناؤها قبل عام 1980 ومعظم هذه الوحدات تحتوي على أنابيب مصنوعة من الرصاص سواء خارج المنزل أو بالداخل، وهذا يعني تعرض قرابة ستة ملايين أمريكي لمياه مشبعة بالرصاص بدرجاتٍ متفاوتة، وهذه بدورها تنعكس على دم الإنسان الأمريكي حيث يتراكم الرصاص في نهاية المطاف في الدم أو في العظام ويسبب أزمات صحية مزمنة، وخاصة بالنسبة إلى الأطفال.
ونظراً إلى خطورة هذه القضية وتهديدها المباشر لصحة المواطنين، إضافة إلى توسع دائرة انتشارها وتأثيراتها الضارة التي غطت كل ولايات أمريكا وربما كل فرد يعيش على أرضها، فقد دخل الكونجرس على الخط وشرع في تحقيقاته الأولية. فقد شكل الكونجرس ممثلاً في مجلس النواب لجنة تحقيق متخصصة لسبر غور هذه القضية، وخاصة فضيحة تلوث مياه الشرب في مدينة فلينت بولاية مشيجان وتسمم دماء أطفال المدينة بالرصاص، حيث بدأت باكورة أعمالها بجلسة استماع في 15 مارس، كما سارع المرشحون للرئاسة الأمريكية بإدانة تفشي داء الرصاص في مدينة فلينت وفي المدن الأخرى، ووعدوا بعلاج هذه القضية على مستوى الولايات المتحدة كلها، حيث قالت هيلاري كلينتون إنها ستقضي على هذه الظاهرة الصحية البيئية خلال خمس سنوات.
جدير بالذكر ان قضية التسمم بالرصاص بشكلٍ عام سواء في المياه أو الدم، تعتبر من مظاهر ومشكلات القرن المنصرم، والتي عالجتها كل الدول المتقدمة وتخلصت منها بشكلٍ كبير، فوجودها الآن وظهورها بهذه الدرجة في أي دولة يعد من مظاهر التأخر والرجعية، وهذا ما لا يليق بدولةٍ عظمى عسكرياً واقتصادياً وتقنياً تقود العالم كالولايات المتحدة الأمريكية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق