الأحد، 13 نوفمبر 2016

فاز ترامب وفاز الحَشِيشْ معه!


في يوم الثلاثاء الثامن من نوفمبر، وقعتْ أحداث تاريخية جِسامْ في الولايات المتحدة الأمريكية، منها ما عَرفَ عنه كل إنسان يعيش على وجه الأرض، وهو الانتخاب غير المتوقع وغير المنطقي للجمهوري دونلد ترمب كأول رئيسٍ أمريكي لم يخدم في الجيش الأمريكي، ولم يتول منصباً حكومياً رسمياً، وليست له أية خبرة في السياسة العامة، وفي الوقت نفسه هناك أحداث مهمة أخرى وقعت أيضاً، ولكن لم يعرف عنها الكثير من الناس حول العالم، وبخاصة خارج الولايات المتحدة الأمريكية.

 

ففي الوقت الذي صوت فيه المواطن الأمريكي لانتخاب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، قام بعض المواطنين في بعض الولايات في إبداء رأيه والتصويت على القضايا العامة التي طُرحت للاستفتاء في يوم انتخاب رئيس أمريكا مثل عقوبة الإعدام والتغير المناخي، ومنها أيضاً قضية صحية وبيئية واجتماعية أتابع تطوراتها منذ فترة طويلة من الزمن وهي نمط استخدام الحشيش أو الماريوانا، حيث صوت المواطن الأمريكي على السماح لاستخدامه في الولاية التي يعيش فيها لأغراض محددة منها "طبية"، ومنها لأغراض "شخصية" ومن أجل الترفيه والترويح عن النفس.

 

فقد جاءت نتيجة التصويت في موافقة سكان ولاية كاليفورنيا، وماساشوستس(Massachusetts)، ونيفادا، ومين(Maine) على السماح لحيازة ونقل وشراء كمية محددة من الحشيش، أي بعبارةٍ أخرى السماح للأفراد لاستخدامه لأغراض شخصية وترفيهية وللترويح عن النفس، وهذه الولايات الجديدة تضاف إلى الولايات التي وافقت قبل سنوات للاستخدام نفسه، وهي ولاية ألاسكا، وأوريجن، والعاصمة واشنطن، وولاية واشنطن، وكولورادو. وفي المقابل هناك ولايات أخرى وافقت على السماح لاستعمال الحشيش ولكن لأغراض طبية فقط وهي ولاية فلوريدا، ونورث داكوتا(North Dakota) وأركانساس(Arkansas)، ومونتانا.

 

وهذه النتائج تؤكد حقيقة واحدة فقط، وتبين نمطاً واضحاً لاتجاهات وآراء المواطن الأمريكي حول استخدام الماريوانا، ويتلخص في الازدياد المطرد لأعداد الأمريكيين مع الزمن والذين يؤيدون ويوافقون على السماح لاستخدام الحشيش بشكلٍ عام، سواء لأغراض شخصية ترويحية، أو لأغراض طبية محددة وفي المجال الصحي العلاجي فقط. فاستطلاعات الرأي التي تُجرى دورياً تثبت صحة هذه الحقيقة. فعلى سبيل المثال، شركة جالوب بول (Gallup poll) التي تقيس وتُوثق رأي الأمريكيين منذ 47 عاماً حول الماريوانا، أَكدت على أن الاتجاه العام هو الزيادة المطردة في نسبة المؤيدين والموافقين على استخدام الحشيش، والتي بلغت أعلى مستوى لها في أكتوبر من العام الجاري بنسبة 60%، في حين أن هذه النسبة كانت 31% عن عام 2000، و 12% عام 1969. وهذه التوجه المشهود والواضح الذي نراه في استطلاعات الرأي ينعكس مباشرة على عمليات التصويت في الولايات، حيث ارتفع عدد الولايات التي تسمح الآن لاستخدام الحشيش بشكلٍ عام، سواء لأسباب شخصية ترفيهية، أو طبية علاجية إلى 29 ولاية، في حين أنها كانت ولاية واحدة فقط في عام 1996، وهي ولاية كاليفورنيا التي سمحت لاستخدامه لأغراض طبية فقط، ثم في عام 2012، وافقت أول ولايتين أمريكيتين هما كولورادو وواشنطن على استخدام الحشيش لأغراض ترفيهية وشخصية.

 

ولذلك نرى وبكل جلاءٍ ووضوح مما لا يجعل مجالاً للشك أن الولايات المتحدة الأمريكية تفك الحزام يوماً بعد يوم عن استخدام الحشيش، وتُلين من القيود التي تفرضها على الماريوانا، وتقلل في الوقت نفسه من الأنظمة والقوانين التي تجرِّم استخدامها، ليس على مستوى الولايات فقط، وإنما على مستوى الحكومة الفيدرالية بشكلٍ عام، فمَد وتيار الاستخدام الشعبي للحشيش جارف وقوي، ولن تستطيع أي سلطة أو قوة مركزية أو محلية في أمريكا التصدي له والوقوف في وجهه.

 

وسيصاحب هذا المد الشعبي لاستعمال الحشيش تحويله إلى "منتجات" تجارية تباع في الأسواق على أشكال وهيئات ومسميات مختلفة ومتعددة، وسيدخل الحشيش في هذه المنتجات بِعلمنا وبدون علمنا، وستكون "سجائر الحشيش" على رأس قائمة هذه المنتجات التي ستكتسح قريباً أسواق أمريكا، ثم أسواق العالم خارج أمريكا.

 

فهذا التوجه المستمر في الولايات المتحدة الأمريكية سينعكس علينا بشكلٍ مباشر شِئنا أم أبَينا، وبعد فترة قصيرةٍ من الزمن، فنحن في البحرين قد وقعنا اتفاقيات تجارية واقتصادية مع أمريكا، وستَفرضُ علينا أمريكا تبعاً لهذه الاتفاقيات "سجائر الحشيش" وكافة المنتجات التي تحتوي على الحشيش، فماذا نحن فاعلون؟   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق