الجمعة، 18 نوفمبر 2016

كيف أُبْعِدُ عن نفسي شَبَح السرطان؟




يعترف العلماء والأطباء ويُجْمعون على أن ما نُطلق عليه كمسلمين بـ "القضاء والقَدر"، ممثلاً في الجينات الوراثية التي يكتسبها الإنسان من آبائه وأجداده، يُعد من أسباب السقوط في فخ السرطان القاتل، وذلك حسب الدراسة المنشورة في المجلة المرموقة "الطبيعة" في يناير عام 2015، إضافة إلى البحث المنشور في مجلة علم الأورام للجمعية الطبية الأمريكية في يناير 2015، والذي أشار إلى أن نحو 65% من حالات الإصابة للسرطان هي لا إرادية، أي لا دَخل للإنسان نفسه في الوقوع فيها، وليست لها علاقة بما يتعرض له الإنسان في حياته من مؤثرات وملوثات، في حين أن قرابة  20 إلى 40% من حالات الإصابة بالسرطان ترجع لأسباب لها علاقة بتصرفات الفرد اليومية ونمط وأسلوب حياته.

ولكن في الوقت نفسه فإن هناك عوامل أخرى يَتَحملها الإنسان نفسه، ولها علاقة بسلوكياته اليومية، ونمط حياته، ولها دور أيضاً في الإصابة بالسرطان. ولذلك للتغلب على هذه المعضلة المعقدة وللوقاية من هذا المرض الخبيث، على الإنسان أن يتبنى المنهج الإسلامي في التعامل مع هذا المرض والأمراض بشكلٍ عام، فيأخذ بالأسباب التي بين يديه والتي يمكنه السيطرة عليها والتحكم بها، فيتجنب كل العوامل التي قد تُسقطه في التعرض للمرض اتباعاً لنهج الرسول عليه الصلاة والسلام عندما قال: "اعْقِلْهَا وتوكل".

ومن أجل كتابة هذه المقالة وتحديد العوامل التي تزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان، قُمتُ بتحليل أكثر من خمسين دراسة طبية نُشرت في عامي 2015 و 2016، وتُعنى بتشخيص مرض السرطان، وتسبر غور العوامل التي تجعل الإنسان يقع فريسة لهذا المرض العضال.

ومعظم هذه الدراسات، ومن أهمها وأكثرها مصداقية وثقة وشمولية، البحث الصادر في 19 مايو 2016 في مجلة علم الأورام للجمعية الطبية الأمريكية، قد ركزت على نمط حياة الإنسان وممارساته اليومية، وأطلقت عليه بـ "العادات غير الصحية"، أو "نمط الحياة غير الصحي". ولقد حَدَّدتْ الأبحاث هذه العادات السيئة في الممارسات التالية:
أولاً: التدخين بأنواعه وأشكاله ومسمياته المختلفة تعد من أهم أسباب الإصابة بالسرطان، حيث إن هناك اجماعاً دولياً على أن هناك قرابة 4 آلاف مادة كيميائية خطرة تنبعث من تدخين السجائر، منها أكثر من 50 مادة تؤدي إلى السقوط في مخاطر التعرض لهذا المرض العضال، كما أن هناك إجماعاً على أن التدخين يسبب 12 نوعاً من أنواع مرض السرطان، وفي مقدمتها سرطان الرئة. فعلى سبيل المثال، أكد البحث المنشور في 24 أكتوبر من العام الجاري في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية(الطب الباطني) أن 30% من الأمريكيين الذي يسقطون ضحية مرض السرطان يكون بسبب التدخين.
ثانياً: شرب الخمر، وهذا هو الوباء الذي أَطلق عليه رسولنا بأم الخبائث، فهو المسبب لأمراض كثيرة من بينها المرض الخبيث، السرطان.
ثالثاً: التعرض للأشعة فوق البنفسجية القاتلة، سواء من خلال الجلوس تحت أشعة الشمس لساعات طويلة كل يوم، أو التعرض لمصابيح الأشعة فوق البنفسجية عند القيام بالعمليات التجميلية لتغيير لون البشرة إلى اللون الذهبي أو البرونزي والتي يُطلق عليها الآن بـ "التانينج"، حيث أكد الأطباء بأن هذه المصابيح تصيب الإنسان بنوعٍ قاتلٍ وفريد من أنواع سرطان الجلد ويعرف بالمِلانُومَا.
رابعاً: السُمنة والبَدانة المفرطة والكسل المستدام وعدم ممارسة أي نشاطٍ رياضي عضلي يؤدي مع الزمن إلى زيادة مخاطر السقوط في شباك مرض السرطان.
خامساً: التعرض للملوثات في الهواء الجوي الناجمة عن السيارات ومحطات توليد الكهرباء، علماً بأن منظمة الصحة العالمية صَنَّفتْ "تلوث الهواء" ضمن المواد المسببة للسرطان.
سادساً: نوعية وكمية الغذاء الذي يتناوله الإنسان بشكلٍ يومي، حيث إن المعلبات والمواد الغذائية غير الطازجة تحتوي على مواد حافضة ومضافات كثيرة أخرى، بعضها يعرض الإنسان للإصابة بالسرطان.

وبالرغم من معرفة الإنسان لبعض الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع مخاطر الإصابة بالسرطان، إلا أن هناك الكثير من الغموض والأسرار التي تحيط بهذا المرض المستعصي عن العلاج، مما أجبر أكبر دول على وجه الأرض وأكثرها تقدماً وتطوراً إلى إعلان الحرب على السرطان عام 1971، أي قبل أكثر من 45 عاماً، وجاء هذا على لسان الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون الذي صدَّق على "القانون القومي للسرطان" ، وتبعه في هذا التوجه الرئيس أوباما في 12 يناير 2016 وأثناء خطابه عن "حالة الاتحاد"، عندما دَشَّن مشروعاً وطنياً وأطلق مبادرة جديدة تحت مسمى "مون شت" للسرطان(Moonshot)، وشكل قوة رئاسية ضاربة متعددة التخصصات لمواجهة هذا العدو الشرس المجهول، وأطلق على هذه القوة: "المكتب الوطني الاستشاري للسرطان"، وكَلَّف نائب الرئيس جو بايدن بالمهمة، ووضع أهدافاً محددة زمنياً ومكانياً للتعجيل في أبحاث السرطان والعمل على منعه بين أفراد المجتمع الأمريكي.

ولذلك نجد أن المجتمع الدولي برمته يخوض حالة حربٍ مستمرة منذ أكثر من مائة عام ضد السرطان، فينتصر في بعض المعارك، ويخسر في معارك كثيرة أخرى، ولا أدري متى سيتحقق النصر المـُبِين؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق