الخميس، 15 يناير 2015

البلاستيك في "الشِيكِنْ نَـجِتْ"



فضيحة خطيرة نزلت على سلسلة مطاعم ماكدونلد في اليابان عندما تم اكتشاف قطع بلاستيكية صغيرة الحجم في وجبة الماكْنَجِت(McNuggets)، أو شِيكِنْ نـَجِتْ(chicken nugget)، وهي الوجبة التي تتكون من قطع الدجاج المقلية، وهذه الفضيحة تكررت في عدة فروع للمطعم في الشهر الجاري من هذا العام الجديد.

وفي الحقيقة هناك العديد من القضايا الحيوية التي أستطيع أن أستخلصها من هذه الحادثة، منها السلامة الغذائية لأطفالنا وشبابنا الذين يُكثرون يومياً من تناول وجباتهم الغذائية في مطاعم "الفَاستْ فُود" أو مطاعم الوجبات السريعة، ولكنني اليوم أريد أن أُركز على قضيةٍ هامة أخرى تتمثل في المنتجات أو المخلفات البلاستيكية التي وُجدت اليوم في كل مكان حتى في قطع الدجاج التي يأكلها أبناؤنا، فهي فعلياً وواقعياً غزت كوكب الأرض، وانتشرت في كل بقعةٍ من بقاع الأرض، قريبةٍ كانت أم بعيدة، صغيرةٍ كانت أم كبيرة، فأصبحنا الآن نراها حتى في أبعد بقاع الأرض عن الأنشطة البشرية كالقطبين الشمالي والجنوبي، بل واكتشف وجودها الإنسان في الأعماق المظلمة في قاع البحار والمحيطات وعلى بعد عشرات الكيلومترات تحت سطح الأرض.     

فقضية المخلفات البلاستيكية وخطورتها والتهديدات التي تسببها للبيئة والإنسان لا تكمن فقط في المخلفات البلاستيكية الكبيرة الحجم التي نراها في البر، والبحر، وعلى غصون وفروع وأوراق الأشجار، ولكن الخطورة العظمى تكون في المخلفات البلاستيكية الدقيقة الحجم، والتي تُعرف بالميكروبلاستيك(microplastic)، حيث إن المخلفات البلاستيكية الكبيرة بمختلف أنواعها تتكسر وتتفتت عندما تدخل في الأوساط البيئية، وبخاصة البيئة البحرية عند تعرضها مع الوقت وعبر السنين للظروف المناخية من درجة الحرارة، وضوء الشمس، والرياح العاتية، إضافة إلى تعرضها المستمر للتيارات البحرية السطحية والقاعية القوية والشديدة، فتتحول إلى قطعٍ بلاستيكية ومخلفات أصغر فأصغر مع الزمن، حتى تبلغ أقل من واحد مليمتر فلا ترى في بعض الأحيان بالعين المجردة، ثم أيضاً مع مرور الوقت تترسب في نهاية المطاف إلى التربة القاعية في الأعماق السحيقة، أي أن قاع البحار والمحيطات والبحيرات والأنهار تصبح الملاذ النهائي والمثوى الأخير لهذه المخلفات.

 وتُعد هذه الظاهرة من الاكتشافات الحديثة جداً للعلماء، حيث نشروا التفاصيل الدقيقة لهذه الظاهرة الجديدة في مجلة الجمعية الملكية للعلوم(Royal Society Open Science journal) في العدد الصادر في 17 ديسمبر 2014 تحت عنوان:" البحار العميقة، المثوى الأخير للمخلفات البلاستيكية الدقيقة".

فقد قامت هذه الدراسة الميدانية بتحليل تربة 12 موقعاً بحرياً، مثل البحر الأبيض، والمحيط الأطلسي والهندي، ووجدوا نسباً مرتفعة من هذه المخلفات قد تراكمت في التربة، إما أنها كانت موجودة على سطح التربة، أو أنها كانت مدفونة بداخلها، وفي أعماق بعيدة تصل إلى قرابة 3000 مترٍ تحت سطح البحر!

والخطورة في هذا الاكتشاف الجديد والغريب في الوقت نفسه تكمن في أن انتقال المخلفات البلاستيكية إلى التربة القاعية للبيئات البحرية يعني أنها ستصبح جزءاً من البيئة البحرية وستدخل مع الوقت ضمن السلسلة الغذائية البحرية والتي تنتهي في نهاية المطاف بالإنسان، والطيور البحرية، والكائنات الفطرية الحيوانية الأخرى التي تعيش على الكائنات البحرية الصغيرة والكبيرة، وهذا يعني أنا أجسامنا وأجسام الكائنات الفطرية ستتلوث بهذه المخلفات البلاستيكية الدقيقة المجهرية، وستتراكم هذه السموم في أجسامنا دون أن ندري، وستصيبنا بالأمراض والعلل المستعصية ولا ندري حينها من أين نزلت علينا هذه الأسقام. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق