الخميس، 1 يناير 2015

ترقبوا قريباً سجائر الحشيش!



شركات التبغ والسجائر لا تيأس ولا تقنط، ولا يُصيبها الإحباط والملل مهما خسرت وفقدت من الزبائن، فهي في تفكيرٍ دائم، وتدبيرٍ مستمر، وعمل دؤوب متواصل لا يمل ولا يكل، فكلما خسرت في مجالٍ من المجالات، وكلما أُغلق عليها باب من أبواب الربح، فتحت لنفسها أبواباً أخرى، فصممت منتجات جديدة بمسميات مختلفة، ووزعتها في أسواقٍ كانت مغلقة أمامها، وسوقتها لفئات عمرية لم تعرف التدخين والسجائر، فالشيطان يجري في دمائهم مجرى الدم ويزودهم دائماً بأخبث الأفكار والحيل، ويعزز من مكرهم ومستوى دهائهم، ولذلك فإن ابداعاتهم لا تنتهي ولا تتوقف.

فشركات السجائر على يقين وقناعة بأنها في حربٍ ضروس طويلة كحرب داحس والغبراء، فيخسرون في معركة ويربحون معركة أخرى، فمنذ خسارتهم الكبرى أمام السلطات الصحية في أمريكا بعد نشر التقرير الصحي الأول عام 1964، والذي أكد فيه لأول مرة على أن التدخين يسبب سرطان الرئة، وهذه الشركات تعمل على تعويض هذه الخسارة، وتخفيف وطأة هذا التقرير على الرأي العام في أمريكا خاصة وكافة دول العالم عامة. فهذه الشركات عملت دائماً على التكيف والتأقلم مع هذه المستجدات ضمن تَكْتِيكٍ شيطاني جديد، ونموذجٍ للعمل مغاير عن النماذج التقليدية، واستراتيجية علمية ماكرة مبنية على أحدث الدراسات والأبحاث، فتُقدم نفسها للجمهور بوجهٍ جديد ومنتجات جذابة راقية وعصرية تتماشى مع التطورات الحديثة، وتدَّعي انخفاض مستوى ضررها على المدخن ومن حوله.

فبدأت أولاً بالسجائر "منخفضة القطران"، أو "السجائر الخفيفة" التي زعمت أنها أقل انبعاثاً للملوثات وأخف ضرراً على صحة المدخن ومن حوله، ثم سولت لهم أنفسهم خدعة جديدة تجذب الناس وتشجعهم على التدخين، وهي إدخال "مضافات" للتبع والسجائر، حتى بلغت هذه المضافات أكثر من 5000،تُقدم السجائر للجمهور بطعمٍ، ونكهةٍ، ومذاقٍ، ورائحةٍ تتناسب مع جميع الأذواق والرغبات والميول والأعمار.

ثم بعد أن قامت الدول بتشديد الخناق على شركات التبغ من خلال القوانين الصارمة والأنظمة الحازمة، ابتدعت "السجائر الإلكترونية" التي لم تشملها هذه القوانين حتى الآن، فأنتجتها بأكثر من 8000 نكهة وطعم ورائحة، وادعت بأنها أقل ضرراً على المدخن من جهة، وأنها من جهةٍ أخرى تؤدي إلى العزوف عن التدخين كلياً، وقد نجحت نجاحاً باهراً في هذا المنتج الجديد وخاصة بين فئة الشباب.

والآن التاريخ يعيد نفسه، ففي المستقبل القريب سنشهد سلسلة الحوادث نفسها التي شهدناها مع السجائر بمختلف أنواعها، ولكن مع نوعٍ جديد هو"سجائر المرجوانا"، أو "الماريوانا"، أو "الحشيش"، فقد بدأت شركات التبغ تضع عيونها على "سجائر المرجوانا" كمُنتج جديد بديل عن سجائر التبغ والنيكوتين، وخاصة بعد تقنين استخدامها في بعض الولايات في أمريكا، والسماح رسمياً بتدخين ما أُطلق عليه "بالمرجوانا الطبية"(medical marijuana) لأغراض ترويحية وللتسلية.

فقد بادرت ولاية كولورادوا الأمريكية منذ الأول من يناير 2014 بالسماح بامتلاك، وبيع، واستخدام سجائر المارجوانا للبالغين، ثم تبعتها ولاية واشنطن، وولايات أخرى تسير على الطريق نفسه، أي مع الوقت ستزيد أعداد الولايات التي تسمح باستعمال هذا النوع من السجائر، ومع الوقت كذلك سيرتفع الطلب إلى درجةٍ كبيرة جداً، وعندئذٍ ستدخل شركات التبغ العملاقة وشركات السجائر على الخط وستعتبرها فرصة ذهبية لتعويض الخسائر في مجال سجائر التبغ التقليدية، وستقوم فوراً بإنتاج هذه السجائر والتفنن والإبداع في إخراجها وبما يتناسب مع روح العصر وموضات القرن الحادي والعشرين، وستُنجد مراكز الدراسات والبحوث وكبريات شركات التسويق للاستفادة من خبراتها في هذا المجال للوصول إلى أكبر فئةٍ من الجمهور داخل الولايات المتحدة الأمريكية أولاً، ثم تدريجياً التسويق والبيع خارج حدود أمريكا.

فهل نحن في البحرين، ودول مجلس التعاون على استعداد لمواجهة ومكافحة هذا الخطر القادم؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق