الأربعاء، 7 يناير 2015

برنامج الحكومة وتحقيق التنمية المستدامة


لا بد لي بدايةً أن أُقدم جزيل الشكر والتقدير إلى حكومتنا الرشيدة على إعدادها ونشرها لبرنامج الحكومة للسنوات الأربع القادمة من 2015 إلى 2018، والذي صدر محتوياً على ستة محاور هي أولاً المحور السيادي، وثانياً المحور الاقتصادي والمالي، وثالثاً المحور المتعلق بالتنمية البشرية والخدمات الاجتماعية، ورابعاً محور البنية التحتية، والمحور الخامس فتناول البيئة والتنمية الحضرية، أما سادساً وأخيراً فقد ركز على الأداء الاقتصادي، كما ورد في مقدمة هذه الوثيقة الأولويات الاستراتيجية التي يسعى البرنامج إلى تحقيقها وتتمثل في تعزيز الأمن والاستقرار والنظام الديمقراطي والعلاقات الخارجية، وترسيخ اقتصاد قوي ومتنوع ونظام مالي ونقدي مستقر، ثم تمكين البحرينيين لرفع مساهمتهم في عملية التنمية، وتأمين بنية تحتية داعمة للنمو الاقتصادي المستدام، والإدارة المستدامة للموارد الاستراتيجية مع تأمين التنمية الحضرية المستدامة، وأخيراً تعزيز فعالية وكفاءة الأداء الحكومي.

 

وهذه المحاور والاستراتيجيات جاءت شاملة لكافة الجوانب الحياتية الضرورية للإنسان وتحقيق التنمية المستدامة، بما في ذلك الجانب البيئي، كما كانت هذه المحاور والسياسات متناسقة ومتوافقة مع وثائق قومية ودولية، وبخاصة في مجال حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة. أما الوثائق القومية فهي أولاً دستور مملكة البحرين الذي قدَّم الفصل الثاني منه تحت عنوان "المقومات الأساسية للمجتمع"، وبالتحديد المادة التاسعة (ح): "أن تأخذ الدولة التدابير اللازمة لصيانة البيئة والحفاظ على الحياة الفطرية"، والوثيقة الثانية فهي ميثاق العمل الوطني الذي أورد في الفصل الثالث حول "الأسس الاقتصادية للمجتمع"، وبالتحديد المادة الخامسة تحت عنوان: "البيئة والحياة الفطرية" ما يلي: "نظراً للضغط المتزايد على الموارد الطبيعية المحدودة فإن الدولة تسعى للاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والتنمية غير الضارة للبيئة وصحة المواطن...".

 

وأما الوثائق والمعاهدات الدولية فأولها الوثيقة التي تمخضت عن قمة الأرض في ريو دي جانيرو والتي عُقدت في البرازيل عام 1992 حول البيئة والتنمية، وهي جدول أعمال القرن الحادي والعشرين، أو أجندة (21) والمعنية أساساً بكيفية تحقيق دول العالم للتنمية المستدامة.

 

وقد قامت هذه الوثيقة الأممية بتحديد تعريفٍ واضح للتنمية المستدامة، متمثلاً بتحقيق التنمية في جوانب وقطاعات ثلاثة هي تحقيق التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، حيث شدَّدت الوثيقة وأكدت على قيام الدول بأعمال التنمية الشاملة والمتكاملة في هذه القطاعات جنباً إلى جنب، بأسلوبٍ متوازنٍ ومتعادل، فلا تتغطى التنمية في القطاع الاقتصادي على الجانب البيئي أو الاجتماعي، حتى نضمن في نهاية المطاف استدامة واستمرارية برامج التنمية في دولنا دون مضاعفات تفسد عملية التنمية، أو أعراضٍ جانبية تُعرقل التنمية، أو تعيقها وتشل حركتها.

 

وأريد هنا أن أؤكد على كيفية تحقيق هذه التنمية المستدامة في بلادنا الحبيبة وتحقيق برنامج الحكومة، وذلك من خلال "دمج وتضمين" العنصر البيئي في المحاور الستة بحيث إن كل محور لا يقوم ببرامجه وأنشطته إلا بعد التأكد من عدم تضاربها مع مصالح حماية البيئة نوعياً وكمياً. فعلى سبيل المثال، في مجال توفير "البيئة المواتية للأعمال التجارية والمناخ المعيشي الجذاب"، لا بد من العمل على حماية الماء والهواء والتربة من الملوثات التي تضر بصحة البيئة والإنسان حتى يتحقق المناخ المعيشي الذي يجذب المستثمرين ورؤوس الأموال والخبرات الدولية والكفاءات العالية، وفي مجال "الصحة" لا بد من منع الملوثات من الانبعاث إلى الهواء أو البحار من السيارات والمصانع حتى نقي المواطن من شر الأمراض التي تفتك بصحة الناس، وفي مجال تحقيق "مجتمع يسوده العدل والأمن والاستقرار والرفاه" فلا بد من العمل بحزمٍ وشدة على منع مصادر التلوث وهي في مهدها وتطبيق القوانين على كل مخالف لتشريعات وأنظمة حماية البيئة، حتى لا تتحول مع الوقت المشكلة البيئية إلى مشكلة سياسية وأمنية تُهدد استقرار وأمن البلد، وفي مجال "تنمية قطاع السياحة" لا بد أولاً من الحفاظ على سلامة الهواء والماء والغذاء حتى يتشجع السواح إلى زيارة البحرين لاستنشاق هواءٍ نقي وصافي والاستمتاع ببيئةٍ بحرية سليمة وصحية.

 

وأخيراً فإن تحقيق التنمية المستدامة التي هي من أهداف واستراتيجيات برنامج الحكومة، لا يمكن أن يتحقق إلى بتظافر جهود كافة السلطات الحكومية وغير الحكومية، والعمل معاً كفريق وطني واحد يُسهم كل من اعضاء الفريق في العملية التنموية حسب دوره ووظيفته وإمكاناته.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق