الجمعة، 2 ديسمبر 2011

البيئة، صيدلية عامة


نبتةٌ صغيرةٌ وجميلةُ المنظر، تَخرجُ منها زهرة حمراء وردية اللون تراها في غابات مدغشقر وسيرلنكا. هذه النبتة البسيطة لو شاهدتها لما أعطيتها أي اهتمام، وربما دُست عليها وأنت لا تبالي لو كانت في طريقك وأنت تمشي في هذه الغابة. فهي في نهاية الأمر لا تختلف بالنسبة لك عن آلاف النباتات والأعشاب التي تراها في الغابات الكثيفة، أو البيئات الصحراوية.

ولكن هذه النبتة الصغيرة تنقذ الآن حياة الملايين من البشر الذين يصابون بالأمراض المستعصية. ففي القديم، استخدم الأطباء التقليديون في مدغشقر هذا النبات لعلاج المصابين بمرض السكر، كما استخدم لوقف نزيف الدم، وكمسكن ومهدئ، ومعقم ومطهر، ولخفض ضغط الدم. والآن اكتشف العلماء وعن طريق الصدفة أسراراً أخرى مدفونة في هذا النبات، فهو يحتوي على 70 مادة كيميائية يمكن الاستفادة منها طبياً، منها مادتين تكافحان مرض السرطان، حيث تم استخدامهما لعلاج سرطان الدم عند الأطفال. ونتيجة لهذه الفوائد الصحية التي يجنيها الإنسان من استعمال هذه النبتة، فقد وصلت مبيعاتها على المستوى العالمي إلى نحو 75 مليون دولار سنوياً! 

هذه النبتة عبارة عن مجموعة من ثمانية أنواع من النباتات الفطرية المُعمرة، سبعة منها توجد في مدغشقر والثامنة في سيرلنكا، وتُعرف هذه المجموعة بالوِنْكة(periwinkle) وعلمياً يُطلق عليها بالكاثارانتيس(catharanthus) أو الوردة النقية، ومن أشهرها وأكثرها فائدة من الناحية الطبية هي التي تخرج زهرة حمراء وردية اللون.

هذا مثال واحد فقط لنبتة صغيرة هشة تعيش في وسط أدغال مدغشقر، وأثبت العلم الحديث فوائدها الكبيرة لعلاج أمراض متعددة، فما بالك بملايين النباتات والحيوانات التي تعيش في الغابات، والأدغال، والصحاري، والبحار، وفي غَيابت المحيطات المظلمة، وفي الأنهار والبحيرات.

وتشير الدراسات التي نُشرت مؤخراً أن عدد النباتات المستخدمة حالياً في الاستخدامات الطبية يتراوح بين 50 ألف إلى 70 ألف نوع، كما أفادت منظمة الصحة العالمية أن السوق العالمية في مجال النباتات الطبية يزيد على 60 بليون دولار في السنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق