الأربعاء، 12 أغسطس 2015

البحرين الثانية خليجياً في السرطان


أكدتْ الإحصاءات التي نُشرت مؤخراً حول أعداد المصابين بمرض السرطان في دول مجلس التعاون أن البحرين تحتل المرتبة الثانية بمعدلات الإصابة بالسرطان بين سكانها بتسجيل 150 حالة لكل مائة ألف شخص سنوياً، فيما تتقدم دولة قطر على نظيراتها بتسجيل 180 حالة، فهي تتصدر القائمة الخليجية بالنسبة لهذا المرض العضال.

 

وعندما يقرأ الإنسان هذه الإحصاءات يظن للوهلة الأولى أننا في دول الخليج وحدنا الذين نعاني من هذا الوباء المستعصي على العلاج، ولكن في نظرةٍ معمقة وشاملة إلى حالات السرطان في الدول الأخرى وعلى المستوى الدولي عامة، نتأكد بأن الإصابة بهذا المرض العضال تُعد "ظاهرة عالمية"، أي أنها غير محصورة وغير مقتصرة على دول الخليج فحسب، وإنما كل دول العالم تقع الآن تحت وطأة هذه العلة التي تهدد الحياة.

 

فالتوقعات التي نُشرت مؤخراً في تقرير منظمة الصحة العالمية تؤكد أن السرطان هو السبب الرئيس لموت البشر، فتشير الإحصاءات إلى أن عدد الإصابات والحالات الجديدة بمرض السرطان في سنة واحدة سيرتفع من 14.1 مليون في عام 2012 إلى 24 مليون بحلول عام 2035، وعدد الموتى سيتضاعف في الفترة نفسها من 8.2 مليون إلى 14.6 مليون، كما أن التقرير يشير إلى أن هذا الارتفاع سيظهر وينكشف بصورة أشد وأعم في الدول الفقيرة، والتي من المتوقع أن تزيد فيها نسبة الإصابة بالسرطان 44% مقارنة بالدول الغنية وهي 20%. كما توقع التقرير أن حالات التعرض للسرطان ستزيد بنسبة 70% خلال العقدين الماضيين، وحذر بأن "المد السرطاني سيكتسح العالم خلال العشرين سنة القادمة".

 

وفي تقديري فإن هناك ثلاثة أسباب للإصابة بالسرطان. فالسبب الأول خارج عن إرادة الإنسان، ولا يقع تحت هيمنته ولا يمكن السيطرة عليه، وهذا ما أَطْلق عليه العلماء الآن بـ"سوء الحظ"، حسب البحث المنشور في مجلة "العلم" في العدد الصادر في الثاني من يناير من العام الجاري، حيث أكدت الدراسة أن هناك طفرات عشوائية لا إرادية ولا يعلم أحد عن أسبابها وتحدث عند نمو وانقسام بعض الخلايا في الجسم، فتتحول إلى خلايا سرطانية بدلاً من خلايا طبيعية، وهذا ما نُطلق عليه في العقيدة الإسلامية بـ"القضاء والقدر"، أي أن الله قد قَدَّر على عبده المرض ليبتليه بالفتن والمصاعب والمحن مثل مرض السرطان، فيختبر صبره ومعدنه، مصداقاً لقوله تعالى:"ونَبْلُوكم بالشر والخير فتنة".

 

والسبب الثاني فهو ما يتعرض له الإنسان في هذا العصر، رغماً عن أنفه، للمواد الكيميائية الخطرة والملوثات المسرطنة التي تنبعث من السيارات والطائرات والمصانع والمنتجات اليومية التي لا غنى عنها، فهي الآن تتواجد في شرابنا وغذائنا وهوائنا وفي عقر دارنا، فهذه الملوثات نجدها بين أيدينا، ومن أمامنا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن فوقنا ومن تحتنا، فليس هناك بيت مَدَرٍ ولا وَبَر إلا ودخله هذا التلوث الـمُسرطن، وليس هناك شبراً من البيئة، بعيداً كان أم قريباً، في المدن كان أم في الأرياف والقرى النائية، إلا وقد أصابه داء التلوث، بحيث أصبحنا اليوم لا نستطيع أن نُجنب أنفسنا التعرض له، ولو هربنا إلى بروجٍ مشيدة في أعالي السماء، فالتلوث يُدركنا جميعاً ولو كُنا في بروجٍ مشيدة.

 

والسبب الثالث وهو المهم بالنسبة لي وأريد أن أُشدد عليه، ويتمثل في المصادر التي نحن نتعرض لها طواعية ورغبة منا، فهي تحت أيدينا، ونستخدمها يومياً، ونستطيع أن نتجنبها ونبعد عن أنفسنا شبح السقوط في هذا المرض المرعب. وهذه المصادر كثيرة ومتعددة أُلخصها لكم حسب ما وردت في الأبحاث العلمية الموثقة، فمنها السجائر بمختلف أنواعها وأشكالها وصورها والتي تحتوي على آلاف المواد الكيميائية الخطرة ومئات الملوثات المـُشعة والمسرطنة والمسببة لقرابة 12 نوعاً من السرطان، ومنها شرب الخمر الذي يسبب عدة أنواع من السرطان، ومنها عملية "دباغة الجلد" أو التانينج وتحويل الجلد إلى اللون الذهبي والبرونزي وهذه العملية من المعروف أنها تسبب سرطان الجلد، ومنها التعرض بشكلٍ مستمر لبعض الملوثات المسرطنة المنبعثة من حرق البخور والعود، ومنها تناول المواد الغذائية التي تحتوي على مواد حافظة وألوان ونكهات ومضافات صناعية أخرى، أو بها نسبة مرتفعة من الدهون، ومنها العادات والسلوكيات وأنماط الحياة الخاطئة والسيئة كعدم ممارسة الرياضة وزيادة الوزن والبدانة والسمنة المفرطة.

 

وخلاصة القول فإنني أدعو إلى التركيز على السبب الثالث من أسباب الإصابة بالسرطان والأخذ بكافة الأسباب لتجنب التعرض للملوثات بشكلٍ عام والمسرطنة منها بشكلٍ خاص، أي كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ".

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق