السبت، 8 أكتوبر 2011

صديقي الأمريكي

 مازالت لي علاقات طيبة مع صديقي الأمريكي الذي تعرفت عليه عام 1973 عندما كنت طالباً في الجامعة الأمريكية في بيروت.

فأثناء دراستي في بيروت وعند الإجازات الرسمية كنتُ دائماً أتجول في أنحاء لبنان مع هذا الزميل الأمريكي، وكان بالرغم من لغتي الانجليزية الضعيفة، يحب أن يدعوني للترحال معه، ويصبر كثيراً على الصعوبة التي كنت ألاقيها في الحديث معه وتوصيل المعلومات إليه.

فقد كان شديد الاحترام لي والتقدير لمشاعري كمسلم عند السفر معه، وبخاصة أثناء تأدية الصلاة، حيث كان هو شخصياً يُذكرني بذلك، وينتظرني حتى أُنهي صلاتي.

لقد تعامل معي كزميل وإنسان، فلم يجرحني بأية كلمة، ولم يسيء قط إلى ديني ولو بالإشارة، فقد كان أنموذجاً طيباً لتحمل الإنسان لأخيه الإنسان، والتعامل مع بعض بالمساواة التامة، وليس بالتعالي والغطرسة والشعور بالكبرياء.

ففي الحقيقة هذا هو مثال للمواطن الأمريكي بشكلٍ عام، والذي يتسم بالبساطة، وحب التعرف على الآخرين، والاحترام لمشاعرهم.

ولكن هذا الأنموذج الطيب من الشعب الأمريكي من الصعب مشاهدته في العاصمة الأمريكية واشنطن، وبالتحديد في البيت الأبيض وفي الكونجرس. فما نراه الآن وما نلمسه من رجال السياسة الأمريكيين من تعاملٍ فظ مع الدول الأخرى الضعيفة، يختلف كثيراً عن الأنموذج الأمريكي الشعبي، فهو مبني على الاستعلاء والتصغير للآخرين، وإصدار الأوامر المباشرة لهم للتنفيذ الفوري، وعدم التعامل بالمثل والاحترام المتبادل، وعدم تقدير الاختلافات في الثقافات والعادات بين الدول والشعوب.  

ففي السياسة الأمريكية وعلى مستوى أمريكا المصلحة الشخصية، ثم الحزبية فوق مصلحة عامة الشعب الأمريكي، أما على المستوى الدولي فأمريكا تتعامل مع الدول بسياسة أنه ليس هناك صديق دائم ولا عدو دائم، فالمصلحة هي التي تقرر درجة العداوة أم الصداقة، أي بعبارة أخرى إنها سياسة لا ضوابط أخلاقية لها ولا تستند على أية مبادئ إنسانية، وتتغير حسب الظروف والمصالح والأهواء الفردية والحزبية.

ولذلك أَعجبُ من الذين يبيعون دينهم وشعوبهم إرضاءً لأمريكا وولاءً لها ويراهنون عليها للدفاع عنهم عند الشدائد، ونصيحتي لهؤلاء الناس هو أن يستعينوا بالله أولاً ويستمدوا منه العون والقوة بدلاً من أمريكا، ثم يعتمدوا على شعوبهم ومواطنيهم ويكسبوا ودهم وحبهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق