بدلاً من أن تَعظْ وتنصح حكومات الدول وتحثهم على الحوار مع شعوبهم، عليك أنت أولاً يا سيادة الرئيس أن تفتح حواراً فوراً مع شعبك الذي يعاني من سوء أحواله الاقتصادية المشهودة، ومن البطالة التي وصلت إلى مستويات قياسية كالدول المُتَخلِّفة، ومن الظلم الاجتماعي الذي تفشى في جسده السقيم.
فها هو شعبك يثور على ظلم وجَور وجشع الشركات الأمريكية بطريقة سلمية حضارية، هذه الشركات التي امتصت دماء الشعوب منذ قرون حتى جفت شرايينها، فأدت إلى غنى فاحش لأصحاب هذه الشركات، وفقرٍ مدقع مُذل لباقي أفراد الشعب، فهناك من يعيش في القصور وهناك من يعيش تحت الجسور، وهناك من يمتلك المليارات وهناك من يغوص غارقاً في أعماق الديون التي تراكمت عليه منذ سنوات.
فها هو شعبك المغلوب على أمره يخرج من كهفه الذي أقام فيه عقوداً طويلة، وبدأ يتكلم ويرفع صوته لكي تَسمعه أنت شخصياً وتُحاوره، وتقف مع مطالبه المشروعة، ولكن بدلاً من تحاورك معهم، رميتهم في غيابة السجون، وبدلاً من أن تُرسل لهم المندوبين السياسيين ليستمعوا إلى مشكلاتهم ومعاناتهم، أرسلت لهم الشرطة لتكبلهم وتعتدي عليهم، فهناك حتى كتابة هذه السطور أكثر من 800 معتقل في سجونك من أفراد شعبك الضعيف المسكين الذي يحتاج فقط إلى قوت يومه.
فمنذ أكثر من أسبوعين وشعبك يعاني ويصرخ لكي يُسمعك صوته، بدءاً بالمظاهرات في شارع وال ستريت المعروف وتخييمهم هناك منذ أكثر من أسبوعين، ثم المظاهرات الشعبية في مدينة نيويورك وبالقرب من جسر بروكلين المشهور، ومازالت هذه المظاهرات مستمرة، والأعداد متزايدة، والدعم الشعبي من النقابات والاتحادات في ارتفاع مضطرد.
وبالرغم من ذلك، فلم أسمع كلمة الحوار مع هذه الجماهير الفقيرة والمستضعفة، فمازال أوباما مشغولاً بإلزام الحكومات الأخرى على الحوار مع شعوبهم، فليس لديه الوقت ليتحاور مع شعبه.
ولكنني أرى بأن ما نشاهده حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية هو “ربيع أمريكا” الذي قد حَلَّ عليها، كما جاء “الربيع العربي”، ولكن الفرق أن أمريكا لديها القوة لتثير الفتن والقلاقل، وتغذي النعرات الطائفية والمذهبية في الدول الأخرى، وتتدخل بشكلٍ سافر مُعلن في شؤونها، وفي المقابل ليس هناك من يُوقظ ويستغل المشكلات الداخلية الكثيرة التي تعاني منها أمريكا لتهز كيانها وبدنها العليل.
وبالرغم من ذلك أقول “ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق