الأحد، 9 أكتوبر 2011

الحق العام


يعتقد الكثير من الناس أن الحق العام يعني فقط المال العام الذي يجب أن نحافظ عليه ونحميه جميعاً، ونتصرف فيه حسب ما يرضي الله سبحانه وتعالى وفي الأوجه المخصصة لذلك.

ولكن الحق العام يعني أكثر من المال، فهو يُغطي كافة العناصر والأوساط البيئية التي نعيش فيها، فالهواء الذي نستنشقه ولا يمكننا الاستغناء عنه حقٌ عامٌ للجميع ومُلكية عامة نشترك في إدارته جميعاً، كذلك فإن الماء، سواء أكان ذلك هو ماء البحر أو المياه الجوفية، فهو أيضاً حق عام وملكية جماعية. ونقيس على ذلك أيضاً كل البيئات الطبيعية التي خلقها الله سبحانه وتعالى للإنسان، مثل الصحاري والسواحل والشواطئ البحرية، فكلها تقع ضمن نطاق الحق العام والملكية العامة المشتركة.

وانطلاقاً من هذا المبدأ، فهناك قواعد للتصرف في هذا الحق العام والملكية البيئية المشتركة. وهذه القواعد والأسس تتمثل أساساً في أن الإنسان مديرٌ لهذه الملكية العامة، وليس مالكاً لها، فلا يجوز أن يتصرف فيها كيفما يشاء دون الأخذ في الاعتبار لمصالح الآخرين الذين يشتركون معه في هذه الملكية، سواء كانوا من البشر أو من الحياة الفطرية التي تعيش معنا على هذه الكرة الأرضية. فلا يحق لأي أن يؤثر على الهواء الجوي أو الماء أو البحر نوعياً من ناحية تلويثه وصرف المواد الضارة فيه، كما لا يحق له في الوقت نفسه أخذ أي جزءٍ من هذه الملكية الجماعية العامة إلا بحق، وموافقة الشركاء. وقد أكد الإسلام على هذه القاعدة وبَيَّن أن مكونات البيئة وعناصرها ملكية مشتركة، حيث قال سبحانه وتعالى في الملكية الجماعية للماء :"ونَبئهُم أن الماء قسمةٌ بينهم"، وأكد على ذلك قول النبي (ص): الناس شركاء في ثلاث، الماء والكلأ والنار.

وبالتالي فواجب علينا جميعاً أن نحمي الملكية البيئية العامة المشتركة، سواء أكانت بيئة طبيعية خلقها الله سبحانه وتعالى أم البيئة الصناعية التي بناها وشيدها الإنسان، فنتعاون كلنا في الحفاظ عليها، ونمنع كل من تُسَول له نفسه التعدي على حرمات هذه الملكيات العامة سواء من الناحية الكمية أو النوعية.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق