الأحد، 16 أكتوبر 2011

زلزالٌ يَـهُـز الرأسمالية


نادراً ما نَرى أن شعوب العالم بمختلف أديانهم وفئاتهم ومذاهبهم ولغاتهم يتفقون على قضية مُحددة، فيخرجون جماعاتٍ غفيرة إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم واستيائهم وشدة الإحباط الذي أصابهم.

فاليوم نشهد إجماعَ شعوب العالم على ظلم النظام الرأسمالي الذي تم تسويقة وترويجه في العالم الغربي كأفضل نظام اقتصادي للأمم، وسار على هذا النهج الكثير من الدول العربية والإسلامية، بل ووصفوا من يُشكك في قدرة هذا النظام وكفاءته وعالميته بالرجعية وقصر النظر، وقلة العلم بالأنظمة الاقتصادية الناجعة.

فها هي الشعوب نفسها التي تبنت النظام الرأسمالي، تَخرج لتؤكد جور هذا النظام وظلمه الاجتماعي وخَلقْه لطبقةٍ صغيرة فاحشة الثراء تتحكم في أرزاق الناس وقراراتهم، وطبقة أخرى واسعة الانتشار تلحس الثَّرَى من جوعها وفقرها وتهميشها.

فقد خرجت هذه الجموع المليونية من مدينة نيويورك الأمريكية، رمز الرأسمالية، متجهة إلى واشنطن العاصمة، رمز الحكم والسيطرة السياسية والأمنية، حتى غطت خلال أيامٍ معدودات أكثر من مئتي مدينة كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية.

هذه الحركة أطلقت على نفسها “احتلوا وال ستريت” ورفعت شعارات ضد الرأسمالية الجائرة، وطالبت بتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية بين الشعوب، وهاجمت الشركات التي نهبت وأكلت ثرواتها منذ قرون بدعوى الرأسمالية واقتصاد السوق، وقالت بصوتٍ واحد قوي لقى أصداءه في جميع أنحاء العالم: “ نحن الـ 99% لا نحصل على شيء، بينما الـ 1% يأخذون كل شيء ”.

فسمعت شعوب العالم الفقيرة الجائعة لهذا النداء الصادر من عقر دار الرأسمالية، فانتفضت جميعها، وامتدت جذورها لتَعبُر القارة الأمريكية إلى قارات العالم أجمع.

فيوم السبت 15 أكتوبر، اهتزت القارة الأوروبية من فرانكفورت وبرلين وميونيخ في ألمانيا، ولندن، وروما، وفينا عاصمة النمسا، وزيوريخ في سويسرا، ومدريد في إسبانيا، وليزبون في البرتغال، ثم لبَّت شعوب آسيا النداء، في مانيلا في الفلبين، وطوكيو، وسيئول في كوريا الجنوبية، وترددت أصداء النداء فبلغت سيدني في استراليا.

فهناك إذن إجماع عالمي على رفض الشعوب للنظام الرأسمالي المتطرف، ومن قبل رَفَضتْ النظام الاشتراكي المتطرف أيضاً، فالمطلوب هو نظام اقتصادي إنساني معتدل، يهتدي بالمنهج الوسطي القائم على أخلاقيات ومبادئ إنسانية، تُؤسس للمساواة بين الناس، وتحقق العدالة الاجتماعية بين فئات المجتمع، فترحم الفقير والضعيف وتُعينه على مصائب الدنيا، وتدعو الغني إلى الإنفاق وتقديم الدعم والتراحم والتعاطف، وهذا النظام لا يوجد إلا في الإسلام.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق