السبت، 29 أكتوبر 2011

شركات التـبغ تقتل الناس عمداً


لو قامت شركةٌ ما من شركات تعبئة الماء بوضع نوعٍ من السموم عمداً في مياهها، ثم قامت ببيعها لعشرات السنين على الناس، أليس هذا يُعد جرماً في حق البشرية، ويستحق صاحبها الإعدام؟

ولكن هذا ما تقوم به بعض الشركات الأمريكية، ليس في مجال الماء، وإنما في مُنتجٍ آخر يشتريه ملايين الناس في كافة أنحاء العالم منذ نحو قرن، وهو السجائر والتبغ، وبالرغم من ذلك فإننا لا نسمع من يتهم هذه الشركات بالقتل المتعمد للناس.

فهل تصدقون بأن شركات التبغ والسجائر كانت تعلم بخطورة مُنتجها على صحة المدخن بشكلٍ خاص، والصحة العامة بشكلٍ عام منذ عام 1959؟

وهل تصدقون بأن هذه الشركات الأمريكية التي تبيع السجائر على العالمين، كانت تعلم بأن التبغ الذي يوضع في السجائر يحتوي على مادة مشعة، وأن الملوثات التي تنتج عن دخان السجائر تحتوي أيضاً على مادة مشعة قاتلة، وأخرى مسرطنة منذ أكثر من خمسين عاماً؟

ففي الخمسينيات من القرن المنصرم أجرت شركات التبغ دراسات وأبحاث حول مكونات أوراق التبغ، وكشفت دراساتهم إلى أن نبات التبغ يحتوي على بعض المواد الخطرة، وبالتحديد عنصر البولونيوم المُشع، حيث إن أوراق نبات التبغ تمتص هذا العنصر المشع والسام من التربة ومن مياه الري، فتتراكم في أوراقه مع الزمن. 

وبالرغم من هذا الاكتشاف ومعرفتهم به، إلا أنهم وضعوا الشمع الأحمر على نتائج هذه الدراسات والوثائق التي أكدت على ذلك، وكتبوا عليها “سرية للغاية”، وادخلوها في أعماق أدراجهم وأرشيفهم السري الخاص بهم، وامتنعوا عن إزالة هذا السم المشع من أوراق التبغ من أجل خفض تكاليف إنتاج السجائر وزيادة متعة المدخن وإصابته بالإدمان مع الزمن.

فلم تفكر هذه الشركات الجشعة التي لا أخلاق ومبادئ لها سوى جمع المال وكنزه في البنوك، ولم تكترث، أو تشعر بالذنب لمقتل ومرض الملايين من البشر في أمريكا وفي باقي دول العالم.

والآن ظهرت هذه الحقيقة المدفونة على يد باحثٍ أمريكي، حيث قام بالتفتيش في الوثائق السرية القديمة لشركات التبغ بعد أن حصل على الرخصة القانونية للإطلاع عليها، واكتشف أن شركات التبغ كانت تعلم أن السجائر التي تصنعها من أوراق التبغ تحتوي على عنصر البولونيوم الخطر والمشع، وأن هذا السم يتعرض له المدخن وغير المدخن عندما ينبعث من دخان السجائر. 

وقام هذا الباحث في نشر اكتشافه في 27 سبتمبر 2011 في مجلة تصدر من جامعة أكسفورد البريطانية هي أبحاث النيكوتين والتبغ(Nicotine & Tobacco Research)، تحت عنوان:“الإشعاع في دخان السجائر وخطورة الإصابة بسرطان الرئة”.

والجدير بالذكر أن العميل الروسي السابق ألكسندر ليفينينكو الذي كان يعمل لحساب المخابرات الروسية، ومات في مستشفى الكلية الجامعية في العاصمة البريطانية لندن في 23 نوفمبر 2006، قد تم تسميمه وقتله بهذا العنصر المشع الموجود في أوراق التبغ ودخان السجائر، حسب الدراسة المنشورة في مجلة  “الأمريكي العلمي” (Scientific American) في العدد الصادر في 5 يناير 2011، تحت عنوان: “التدخين المُشع، مُلوثات خطرة تُكْتَشَفْ في السجائر”.

والآن بعد أن حصحص الحق، وعرفنا أن شركات التبغ الأمريكية قد قامت مع سبق الإصرار والتعمد لعقودٍ من الزمن بقتل الناس من خلال عدم إزالة المادة المشعة من منتجهم من السجائر، فماذا سيفعل المجتمع الدولي، وفي مقدمتهم منظمة الصحة العالمية لمواجهة هذه الجريمة المستمرة حتى يومنا هذا؟



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق