الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

السُوبـربُـول

عندما كنت طالباً في مدينة أوستن عاصمة ولاية تكساس الأمريكية في نهاية السبعينات، وبعد وصولنا إلى هناك مع مجموعة من الطلبة، كُنا في أول يومٍ لنا نمشي في أحد الشوارع الرئيسة في المدينة، فاستوقفنا أحد المذيعين في التلفزيون المحلي وقال لنا: من سيفوز اليوم في رأيكم في مباراة السُوبربول، فريق بتسبرغ أم فريق دالاس؟

وبالطبع فإننا أُصبنا بالحرج الشديد، فلم نعرف الإجابة عن هذا السؤال الذي يعرفه كل أمريكي، فكان هذا هو أول لقاءٍ لنا مع كرة القدم الأمريكية، إذ لم نعرف عنها أي شيء مطلقاً.

فالسوبربول(super bowl) كلمة انجليزية لها رنين واسع وقوي ومؤثر على أُذن المواطن الأمريكي خاصة، وعلى الملايين من الشعوب في الدول الأخرى عامة. فالكل يصغي وينتبه عندما يسمع أو يقرأ عن هذه الكلمة.

فالسوبربول هي المباراة النهائية في كرة القدم الأمريكية، وعادة ما تكون في شهر يناير من كل عام ويشاهدها ويتابعها ملايين المشجعين في كل أنحاء العالم، ويتسابق على نقلها حصرياً الكثير من المحطات التلفزيونية، ويدفعون مئات الملايين الدولارات نظير ذلك، بل وإن شركات الدعاية تدفع ملايين الدولارات للسماح لها لبث ثوانٍ معدودات للترويج لبضائعها أثناء المباراة.

ونظراً لهذه التغطية الإعلامية الكبيرة لهذه المباراة واهتمام شعوب العالم بها، فإن وكالة حماية البيئة الأمريكية رأت في المناسبة فرصة سانحة لا يمكن تعويضها لنشر وتعميق المفاهيم والسلوكيات البيئية للمجتمع الأمريكي. فقد قامت بالتعاون مع الجهة المنظمة لهذه البطولة وهي الاتحاد الوطني لكرة القدم بجعل هذا البطولة أنظف وأكثر حماية للبيئة. وقدمت برنامجاً مشتركاً يمكن تلخيصه في النقاط التالية:
أولاً: وضع برنامج متكامل لإدارة المخلفات الصلبة قبل وبعد الانتهاء من المباريات، ويهدف أساساً إلى تشجيع إعادة استعمال المخلفات الصلبة والعمل على تدويرها.
ثانياً: إعداد إرشادات ونظم بيئية تهدف إلى إدماج البعد البيئي في كافة أنشطة وبرامج الاتحاد الوطني لكرة القدم، ويشتمل على وسائل المواصلات المستخدمة، وإدارة المواد الغذائية والإعلانات والمواد الأخرى المتبقية بعد المباريات.
ثالثاً: زراعة الأشجار وتوسيع الرقعة الخضراء من أجل امتصاص الملوثات، وبخاصة الملوثات التي تسبب التغير المناخي.

ولا شك بأن مثل هذه البرامج التي تنفذ أثناء هذه المناسبات المليونية لها تأثر فاعل على تغيير السلوكيات والتصرفات من أجل بيئة أفضل وأجمل. وإنني من هذا المنطلق شَكَّلت لجنة “الرياضة والبيئة” عام 1996، كإحدى لجان اللجنة الأولمبية البحرينية، وقمت بإعداد كتابٍ شامل تحت عنوان “الرياضة والبيئة”، وتناولت فيه البرامج التي يمكن طرحها وتطبيقها أثناء المناسبات الرياضية بشكل عام، وكلي أمل أن نكثف مثل هذه البرامج لكي ننشأ جيلاً بيئياً فريداً يضع البيئة نصب عينيه أينما كان.      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق