الأحد، 18 سبتمبر 2011

إجماع المجتمع الطبي على محاربة الخمر

الدعوات المتكررة لمكافحة شرب الخمر وعلاج المشكلات الصحية والاجتماعية والاقتصادية التي تنجم عن أم الخبائث تأتي من المجتمعات الغربية التي تذوق مرارة هذه الآفة الخطيرة، فهناك قرابة بليونين إنسان يشربون الخمر على المستوى الدولي، وزهاء 76.3 مليون منهم يعانون من مشكلات مزمنة تتمثل في الموت المبكر، والإصابة بأمراض مستعصية لا يمكن علاجها، إضافة إلى القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تنزل عليهم من الخمر.

وآخر هذه الدعوات جاءت عن طريق دراسة علمية منشورة في مجلةٍ طبية عريقة لها وزنها في المجتمع العلمي الطبي هي مجلة اللانست(The Lancet) في العدد الصادر في 15 سبتمبر تحت عنوان “إجماع دولي حول دور الأطباء في علاج مشكلة الخمر”.

ويستغرب مؤلفو المقال، كما أستغرب شخصياً أيضاً، أنه بالرغم من المشكلات العامة والأضرار العميقة التي تنجم عن الخمر، إلا أن المشكلة لا تحظى بالاهتمام الدولي، ولا توضع قضية شرب الخمر في قائمة القضايا الصحية في جدول أعمال المجتمع الدولي، أو حتى الدول نفسها.

وفي الواقع أن السبب في ضعف الاهتمام يُعزى إلى أن إعطاء الأولوية لقضية الخمر يحتاج إلى دعمٍ سياسي قوي، وهذا الدعم يصعب الحصول عليه في المجتمعات الغربية نتيجة لنفوذ الشركات والمصانع الكبيرة التي تقوم بصناعة الخمر وبيعه وتسويقه، إضافة إلى آلاف الشركات الأخرى الصغيرة منها والكبيرة التي تقوم على التعامل مع الخمر، ولذلك فإن رجل السياسة لا يريد أن يُضحي بمستقبله ومقعده البرلماني ويقف في وجه هذه الشركات القوية ذو الصوت المرتفع في المجتمعات الغربية. ولذلك فإن أي مجهودٍ إعلامي ملموس للحد من شرب الخمر وبيان الأضرار الجسيمة التي تأتي عنه، تصطدم مع مصالح شركات ومصانع الخمر التي تستميت في القضاء عليه قبل أن يرى النور.   

واستناداً إلى هذا الواقع، فإن المجتمع الطبي يدعو الأطباء أنفسهم إلى لعب دورٍ ايجابي أكبر في التوجيه والإرشاد وبيان التهديدات الصحية والاجتماعية التي يسببها الخمر على الفرد نفسه، وعلى أسرته، وعلى المجتمع برمته. واستجابة لدعوات المجتمع الطبي الدولي، قامت منظمة الصحة العالمية أخيراً وفي عام 2010 إلى وضع استراتيجيه دولية تحت عنوان:الإستراتيجية الدولية لخفض الأضرار من شرب الخمر، وهذه تعد الخطوة الأولى لوضع سياسات دولية جماعية تشترك فيها دول العالم قاطبة، ويجب أن تتبعها اتفاقيات دولية إلزامية لمكافحة هذا السلوك الخبيث.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق