الأحد، 25 سبتمبر 2011

هل نَـرصد ميـزانـية لتـنفيذ تشريعاتنا؟


عملية سَن التشريعات تَمُر بعدة مراحل، أصعبها مرحلة التطبيق والتنفيذ، وهذه المرحلة عادةً ما يتم إهمالها من قبل الجهات المُشَّرعة في البحرين لعدم تخصيص الميزانية اللازمة لمساعدة الجهات التنفيذية على تطبيق القانون.

فمن الضروري جداً قبل إصدار التشريع إجراء الدراسات الاقتصادية اللازمة لتحديد كُلَفْ إصدار وتنفيذ هذا التشريع، ثم العمل على رصد المبالغ المالية الإضافية من ميزانية الدولة اللازمة لذلك، وإذا لم نقم بهذه العملية، فمعظم قوانيننا سينتهي بها المطاف في أدراجٍ مقفلة مَنْسيَّة، أو في الأقل يتم تنفيذها جزئياً وبشكلٍ ناقص.

فعلى سبيل المثال، لو رغبنا في استصدار قانونٍ خاصٍ بالبيئة، فإن من أهم بنود هذا القانون هو أن تقوم الجهات المعنية بقياس جودة الهواء الجوي، ومراقبة انبعاثات المصانع الغازية والسائلة والصلبة. ولتنفيذ هذا البند فقط، لا بد من توفير الأجهزة والمعدات اللازمة لقياس نوعية وتركيز الملوثات في الهواء، وتلك المنبعثة من المصادر المختلفة، إضافة إلى الإعداد الفني والمهني للفنيين والأخصائيين للقيام بذلك، ثم تحليل النتائج والخروج بالاستنتاجات والسياسات المتعلقة بهذه القياسات.

وهذا البند في حد ذاته يحتاج إلى ميزانية لا تقل عن مليوني دينار، حيث إن الجهاز الواحد الذي يقوم بالقياس الشامل والمتكامل لجودة الهواء الجوي في موقعٍ واحدٍ فقط، يُكلِّف أكثر من 150 ألف دينار، وهناك حاجة لشراء نحو خمسة أجهزة في الأقل للقيام بالدراسات الوافية والشاملة للتعرف على جودة الهواء في جميع محافظات مملكة البحرين وتحديد الملوثات المتجاوزة للمعايير والمواصفات الخاصة بنوعية الهواء، أي ستصل تكاليف شراء هذا النوع من الأجهزة فقط إلى أكثر من 750 ألف دينار.

فهذه هي كُلْفة تنفيذ جزءٍ واحدٍ بسيط من البند المختص بقياس جودة الهواء الجوي، فما بالك بالجزء الثاني من البند نفسه، وهو قياس ومراقبة نوعية وكمية الملوثات الغازية، والسائلة، والصلبة التي تنطلق من جميع المصانع الموجودة في البحرين، وما بالك بالتكاليف المالية التي تصاحب تنفيذ وتطبيق البنود الأخرى من القانون البيئي!

ولذلك فعدم رصد المبالغ المناسبة لتنفيذ هذا البند فقط والبنود الكثيرة الأخرى، يعني في نهاية المطاف تعطيل تطبيق القانون البيئي، وبالتالي عدم الجدوى العملية من إصداره أصلاً.

ولذلك فإنني أؤكد على أننا إذا لم نرصد ميزانية خاصة لكل قانون نقوم بوضعه، فستبقى القوانين في أدراج الوزارات، ولا داعي من بذل الجهود، وتضييع الوقت لإصدارها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق