الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

أَلـغَـامٌ أرضـية



 إذا كنتَ قد ذهبت يوماً ما إلى أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية، لا بد إنك قد دُست من غير أن تدري على ألغامٍ أرضية مزعجة ومُنَفِّرة، هي مخلفات الكلاب الصلبة والسائلة التي تجوب الشوارع والمنتزهات والمرافق العامة الأخرى.
  
وهذه ظاهرة ليست بالجديدة على المجتمع الغربي، ولكن الجديد فيها هو مصدر هذه المخلفات. ففي القرن التاسع العشر كانت الخيول الوسيلة الرئيسة للمواصلات ونقل البضائع من موقع إلى آخر، حيث وصل عدد الخيول في مدينة نيويورك وحدها إلى أكثر من 200 ألف، ونجم عنها أكثر من 2500 طن يومياً من المخلفات الصلبة التي كانت تملأ شوارع نيويورك، إضافة إلى المخلفات السائلة التي حولت الطرقات إلى مستنقعات آسنة تفوح منها الروائح العفنة. وكل ذلك جعل المنظر العام للمدينة كئيباً، والأمراض منتشرة، والطرقات مليئة بالألغام الحيوانية.

ولكن عقل الإنسان استطاع أن يتغلب على هذه المشكلة البيئية والصحية العامة، فاخترع وسائل أخرى للنقل كالسيارات، بحيث أحالت الخيول على التقاعد المبكر، وأصبحت مهمة الخيول في المدينة وسيلة للترفيه والتسلية وممارسة الرياضة.

والآن تجد نيويورك نفسها وهي في القرن الحادي والعشرين أمام مشكلةٍ أخرى مماثلة، وهي المليون كلب الذي يمتلكه الناس، ويجوبون شوارع ومنتزهات نيويورك، ويتركون بصماتهم المؤذية في كل مكان ليراه الناس.

وبالرغم من سن قانون خاص لمعالجة هذه الظاهرة القديمة الجديدة في عام 1978، إلا أن المشكلة لم تنته بعد. فالغرامة التي تُؤخذ على الإنسان الذي لا ينظف مخلفات كلبه لا تزيد عن 50 دولاراً، وهي لا تُحفز صاحب الكلب كثيراً على إزالة المخلفات، إضافة إلى أن القانون لا يطبق بشكلٍ صارم.  

وقد اقترحت مدينة نيويورك حلاً لعلاج هذه الظاهرة وتتبع آثار المخالفين ومعاقبتهم، وهذا الحل هو استخدام تقنية الـ دي إن أ(DNA sampling) أو الحمض النووي، كما يحدث في حالة اكتشاف الجرائم والتعرف على هوية الأفراد. فالفكرة هي أنه عند تسجيل الكلب يتم سحب عينة من الدم أو اللعاب لمعرفة الـ دي إن أ في الكلب، وبالتالي عندما يتم اكتشاف بُراز الكلب في موقع معين، تؤخذ عينة منه، وباستخدام هذه التقنية الحديثة يتم التعرف على الكلب وصاحبه، ثم إرسال المخالفة إلى صاحب الكلب.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هناك من داعي إلى أن يَخْلق الإنسان لنفسه هذه المشكلة التي يستطيع تجنبها بكل سهولة، ويتخلص منها جذرياً؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق