السبت، 3 سبتمبر 2011

الـتـَسَمُـم من الأدويـة الشَعْـبـيـة



خمسة من المواطنين البريطانيين الساكنين في مدينة بيرمينجهام(Birmingham) يُنقلون إلى قسم الطوارئ بسبب إصابتهم ببعض الأعراض المَرَضيَّة الحادة، وبعد إجراء الكشف الطبي على أجسامهم ودمائهم، تبين وجود العديد من الملوثات السامة في الدم، منها الرصاص، والزئبق، والزرنيخ والقصدير. وعند القيام بالمقابلة الشخصية الشاملة لهؤلاء المرضى تم التأكد بأن هذه الملوثات الخطرة مصدرها بعض الأدوية الشعبية الطبية التي تم استخدامها في العلاج.

وامرأة أمريكية عمرها 54 عاماً تذهب مسرعةً إلى عيادة الطب المهني في جامعة كاليفورنيا بمدينة ديفس(Davis) وهي تعاني من التعب الشديد، والغثيان، والتقيؤ. وعند أخذ عينة من الدم والبول تأكد ارتفاع تركيز عنصر الزرنيخ السام في البول، والذي بلغ تركيزه 83.6 ميكروجرام من الزرنيخ في الجرام الواحد من عينة البول. وبعد إجراء المقابلة الشخصية تبين استهلاكها لنوعٍ من الأعشاب التي تحتوي على الزرنيخ بتركيز وصل إلى 8.5 ميليجرام من الزرنيخ في الكيلوجرام من العشب.

كذلك امرأة نيوزلندية عمرها 51 عاماً أُدخلت مستشفى كريست شيرش(Christchurch) وهي تشتكي من آلامٍ في البطن، والغثيان، والتقيؤ. وبعد إجراء الفحوصات عليها تبين أن هناك ارتفاعاً كبيراً في تركيز الرصاص في الدم، حيث وصل إلى 69.3 ميكروجرام من الرصاص في الديسيلتر من الدم، وأكدت التحاليل أنها كانت تستخدم أدوية وأعشاب طبية قد أحضرتها معها عندما كانت في زيارة سياحية للهند.

وامرأة كورية عمرها 35 سنة تعيش في العاصمة البريطانية وتعاني منذ أكثر من شهر من فقدان في الوزن، وحالات من الغثيان المتقطع، وآلام وانتفاخ في المعصم. وعند المقابلة الشخصية معها تبين أنها قبل شهر قد ذهبت عند طبيبٍ يعالج المرضى بالأدوية الشعبية، وأن الدواء العشبي الذي تم استخدامه كان يحتوي على الرصاص.

وفي التايوان أُدخل رجلان إلى المستشفى وهما يعانيان من فقدان في الشهية وفقرٍ في الدم، وعند إجراء التحاليل المخبرية على الدم تبين أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في تركيز الرصاص، حيث وصل إلى 130 ميكروجراماً من الرصاص في الديسيلتر من الدم. وقد أكدت التحاليل أن الأدوية والأعشاب الشعبية الصينية التي تم استخدامها كانت تحتوي على تركيزٍ عالٍ جداً من الرصاص بلغ 20 ألف جزء من الرصاص في المليون جزء من الدواء الشعبي.

وقد نشرت مجلة جمعية الأطباء الأمريكيين دراسة متكاملة مؤخراً، شملت تحليل 230 نوعاً من الأدوية الشعبية المستخدمة في جميع أنحاء العالم، حيث أكدت هذه الدراسة أن 21% من هذه الأنواع من الأعشاب المتداولة بين الناس تحتوي على نسبٍ متفاوتة من بعض الملوثات الخطرة، وبالتحديد الرصاص، والزئبق، والزرنيخ.  

ومن هذه الأمثلة الواقعية والحالات المرضية التي سردتها لكم من كافة أقطار العالم، أستطيع أن أُجزم بأن الاستخدام غير المقنن وغير الرشيد للأعشاب والأدوية الشعبية يعتبر من المشكلات البيئية والصحية التي تعاني منها المجتمعات منذ سنوات طويلة، ومازالت حالات التلوث والتسمم والمرض تقع حتى يومنا هذا.

وهذه الآثار المَرَضيَّة لا تقع فقط على الفرد المستخدم لهذه الأعشاب، وإنما تنتقل في حالات المرأة الحامل إلى الجنين، إما بطريقة مباشرة أو من خلال حليب الأم بعد الولادة.

ولكي نتجنب هذه المشكلة العالمية، لا بد من اتخاذ الاحتياطات التالية:
أولاً: التأكد من خلو الأعشاب والأدوية الشعبية من الملوثات الخطرة، وبخاصة الرصاص، والزئبق، والزرنيخ، والكادميوم.
ثانياً: التأكد من عدم زيادة الجرعة المستخدمة وعدد مرات الاستخدام اليومي.
ثالثاً: التأكد من كيفية استخدام هذه الأعشاب، من حيث إنها مخصصة للاستخدام الخارجي أو الداخلي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق