الخميس، 8 سبتمبر 2011

كم عدد الأحياء على كَوكَبنا؟


مازال الإنسان بالرغم من كثرة وتنوع جولاته الاستكشافية المستمرة بدون أي توقف منذ مئات السنين في شتى بقاع الأرض، يكتشف في كل يوم كائناً حياً يعيش في مكانٍ ما على كوكبنا في البر وفي الصحاري الجرداء القاحلة، أو في أعماق البحار المظلمة.

 فحتى يومنا هذا استطاع العلماء التعرف على قرابة 1.3 مليون نوع من الأحياء الصغيرة منها والتي لا ترى بالعين المجردة إلى الضخمة منها كالحيتان والدلافين. ولكن السؤال الذي يشغل بال العلماء منذ بدء الخليقة هو: كم عدد الأحياء الموجود فعلياً على سطح الأرض؟

وقد احتار العلماء في الإجابة عن هذا السؤال، وبالتحديد في المنهجية العلمية التي يمكن تبنيها وإتباعها في تحديد وتقدير عدد الكائنات الحية التي تعيش معنا على هذا الكوكب، وكانت آخر المحاولات، وربما أكثرها دقة ما نشر في مجلة الأحياء (PLoS Biology) في العدد الصادر في أغسطس من العام الجاري.

فقد قدَّر الباحثون عدد الكائنات الحية بنحو 8.7 مليون نوعٍ من الكائنات الحية، منها قرابة 6.5 يعيشون على اليابسة وفي البيئات البرية، وزهاء 2.2 يسكنون الماء من بحار ومحيطات ومسطحات مائية أخرى.

كما قام هؤلاء الباحثون بتقسيم هذه الأحياء إلى الكائنات الحية الحيوانية، وتم تقديرها بنحو 7.77 من الحيوانات، ثم الأحياء النباتية قرابة 298 ألف، و 611 ألف من الفطريات، و 36400 من الأحياء ذات الخلية الواحدة، وأخيراً 27500 من الكائنات النباتية ذات الخليتين كالطحالب وغيرها. 

وبالرغم من هذه المحاولة العلمية الأخيرة، إلا أن عدد الكائنات الحية على الأرض في تغيرٍ ديناميكي مستمر بسبب أنشطة الإنسان المتعاظمة، وبخاصة خلال القرنين الماضيين نتيجة للثورة الصناعية الكبرى التي انتشرت الآن في الكثير من دول العالم.

فهذه البرامج التنموية البشرية رَأتْ التنمية بعينٍ واحدة فقط، فلم ترحم الكائنات الحية الأخرى التي تعيش معنا، ولم تُلق أي اهتمام للبيئات التي تعيش عليها هذه الكائنات، فتعدت أيدي الإنسان على محارم البيئة بشكل عشوائي وظالم، فقضت على بعض البيئات بشكلٍ كلي، ودهورت صحة ونوعية بيئاتٍ أخرى، وهذا الأسلوب المُعوَق غير المستدام في إدارة التنمية، أَثـر بشكلٍ مشهود على التنوع الحيوي في هذه البيئات التي تم العبث فيها، فمنها كائنات حية نباتية وحيوانية ومِجهرية لا ترى بالعين المجردة قد انقرضت من وجه الأرض كلياً ولم يتمكن الإنسان حتى إلى التعرف عليها واكتشاف دورها وفوائدها لنا وللأنظمة البيئة التي تعيش فيها، ومنها كائنات حية قد تدهورت صحتها فتناقصت أعدادها، حتى أصبحت الآن مهددة بالانقراض ولا يمكن مشاهدتها إلا في حدائق الحيوانات العامة أو الحدائق النباتية.

وإذا نظرنا إلى هذا الواقع الحزين المؤلم للكائنات الحية على الكرة الأرضية من منظورٍ قومي محلي، أي على مستوى مملكة البحرين، لأدركنا خطورة حالة ووضع الكائنات الفطرية الحية، وحجم الضرر الذي وقع عليها على مستوى الكرة الأرضية.

ففي مملكة البحرين هناك أنظمة بيئية كانت تعيش معنا في أمن وأمان وراحة واستقرار، ولكن هذه الأنظمة والكائنات الحية التي كانت تكتنفها وتستظل بظلها وتلجأ إليها، قد انقرضت جميعها كلياً من البحرين، أو في الأقل انخفضت أعدادها وأصبحت مهددة بالانقراض. فعلى سبيل المثال لا الحصر، اشتهرت البحرين وتميزت عن الكثير من الدول بنظامِ بيئة العيون الطبيعية في البر وفي البحر. ففي البر كانت هناك البساتين الغناء وغابات النخيل الباسقات ذو الطلع النضيد التي روت من هذه العيون، وعاشت عليها أيضاً الطيور المغردة المستوطنة في البحرين والمهاجرة، ومن جانب آخر ترعرعت ضمن هذا النظام البيئي كائنات حيوانية مثل سلاحف العيون العذبة والضفادع، إضافة إلى الأسماك التي عاشت في مياه هذه العيون العذبة.

والآن مع انقراض هذا النظام البيئي الفذ، انقرضت النباتات والحيوانات التي كانت تعيش يوماً وتعتمد على مياه هذه العيون العذبة الفرات السائغ شرابها.

فهذا المثال البسيط على مستوى البحرين فقط، يؤكد لنا حجم الدمار الجسدي الذي وقع على بيئات الكرة الأرضية والتنوع الحيوي فيها، فماذا يكون إذن حجم الدمار على مستوى الكرة الأرضية برمتها؟  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق