الأربعاء، 14 أغسطس 2019

نَشْرة الأحوال البيئية


منذ أن ظهرتْ نشرات الأخبار الدورية في وسائل الإعلام بمختلف أنواعها وأشكالها ونحن دائماً على موعد في الوقت نفسه على الفقرة الخاصة بنشرة الأحوال الجوية، أو نشرة أحوال الطقس وتغيراتها كل ساعة وفي كل يوم وعلى مدار الأسبوع، فهذه الفقرة حيوية ومهمة للكثير من الناس ويحتاجون إليها في سفرهم وترحالهم، أو عند رغبتهم في الخروج من المنزل لممارسة أي نشاط، أو برنامج خارج البيت كالرياضة، أو الذهاب إلى الحدائق والمتنزهات، وبخاصة الذين يرتادون البحر للترفيه والترويح عن النفس، كممارسة السباحة والرياضات المائية الأخرى، أو صيد السمك.

واليوم مع التغيرات الجذرية التي نشهدها في كل ساعة على الساحة البيئية، ومنذ أكثر من خمسين عاماً، وما نعاني منها من أزماتٍ حادة ومزمنة في نوعية الهواء الجوي وتبدل حاله الصحي من جيد إلى سيء، أو أسوأ في اليوم الواحد، فمع كل هذه التغييرات التي تطرأ على أمن وسلامة هوائنا، فإننا بأمس الحاجة إلى أن نتعرف قبل بدء كل يوم على توقعات المختصين والمهتمين بما يؤول إليه حال الهواء الجوي بالنسبة لتركيز ونوعية الملوثات في الهواء الجوي عامة، وفي بعض الشوارع والحدائق والمرافق العامة التي يرتادها الناس، بل وفي بعض الدول والمدن الشديدة التلوث، يريد الناس معرفة ما إذا كانوا يستطيعون الخروج من المنزل لممارسة الأنشطة الخارجية أم لا.

فهناك المدن الكبرى المعروفة منذ عقود من الزمن بنزول سحب بنية صفراء اللون إلى الطبقات السفلي التي يتعرض لها الناس، وهذه السحب القاتلة إذا انكشفت فإن أجراس الإنذار تصيح، وأصوات وسائل الإعلام ترتفع لتحذر الناس من الخروج، وبخاصة الأطفال وكبار السن والذين يعانون من مشكلات في التنفس، بل وفي بعض الحالات العصيبة تنشل الحركة في المدينة نتيجة لكثافة الغمامة التي تنزل عليهم، فتتوقف الطائرات عن الإقلاع، وتقف القطارات والحافلات في مواقفها ومحطاتها غير قادرة على الحركة والتنقل. 

ولذلك وفي مثل هذه الحالات يتوق الناس بحماسة شديدة إلى الاطلاع على "نشرات الأحوال البيئية" سواء عبر التلفاز، أو الراديو، أو الصحف، أو الهاتف النقال، فالاعتماد على هذه النشرات البيئية يتزايد يوماً بعد يوم في الكثير من مدن العالم، وهناك من لا يضع قدميه خارج البيت قبل أن يقرأ عن حال جودة الهواء، ويتعرف على نسبة الملوثات الموجودة في المواقع المختلفة من المدينة.
وفي المقابل هناك النشرة السنوية للأحوال البيئية والمتمثلة بالتحديد في معرفة تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الكرة الأرضية برمتها، فهذا الغاز بالتحديد يُعد المتهم الرئيس في حدوث التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الأرض، والنشرة الخاصة بثاني أكسيد الكربون نستمع إليها من المرصد الموجود في هاوي (Mauna Loa weather observatory)، حيث يُقدم سنوياً معدل تركيز هذا الغاز في كوكبنا، ففي عام 1958 بلغ 315 جزءاً من ثاني أكسيد الكربون في المليون جزء من الهواء، وفي عام 1986 ارتفع إلى 350، وفي 2013 بلغ 400، وفي مايو من العام الجاري وصل إلى مستويات خطيرة غير مسبوقة في تاريخ الكرة الأرضية بلغت 415.26.

وأتمنى من وزارة الإعلام أخذ زمام المبادرة بتقديم "نشرة الأحوال البيئية" في الإذاعة والتلفزيون، فأهميتها لا تقل عن أهمية "نشرة الأحوال الجوية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق