الثلاثاء، 2 أغسطس 2011

أفَحَسِبْتُم أنَّما خَلَقناكم عَبَثاً

كنتُ دائماً أعتقد جازماً بأن الله جلَّت قدرته وحكمته لم يخلق أي كائنٍ حي وغير حيٍ عبثاً، وإنما خلقه ليؤدي دوراً محدداً في هذه الحياة الدنيا، وله وظيفة معينة يقوم بها في المكان الموجود فيه، وقد أكتشف العلماء الكثير من أسرار هذه الكائنات، وتَعرَّف على أهميتها، ودورها، وأسباب وجودها، وسبل الاستفادة منها في حياته اليومية.

وهذه الحكمة من وجود هذه المخلوقات تنطبق أيضاً على الكائنات المفترسة الضارة، وعلى الحشرات والجراثيم القاتلة، فهي مخلوقة لسببٍ رُبما لم يكتشف الباحثون حتى الآن خفاياها وأسرارِ وجودها ودورها المباشر أو غير المباشر ضمن النظام البيئي، وسيأتي اليوم الذي سيتعرف فيه العلماء على وظائف محددة لهذه الكائنات الضارة في مظهرها، بل وعلى العقاقير التي يمكن الاستخلاص من أجسامها.

فالصراصير من الحشرات المنزلية المرتبطة بوجود الإنسان، فأينما حلَّ الإنسان، وأينما وُجِدْ، تجد معه هذه الصراصير المزعجة، مهما كانت نظافة هذا المنزل. ومنذ سنوات والأسئلة تنهال علي عن دور الصراصير وعن أسباب وجودها في منازلنا، وكانت إجاباتي دائماً تفيد بأن الله سبحانه وتعالي خلق هذه الصراصير لوظيفة محددة، وهناك أهمية من وجودها، ولكن الإنسان لم يتمكن حتى الآن من اكتشاف هذه الحقيقة.

واليوم حصحص الحق، وجاء الخبر اليقين ليؤكد لي مصداقية اعتقادي بأن لكل كائنٍ حي أهمية ووظيفة، بما في ذلك الصراصير. فقد ألقى أحد الباحثين من كلية الطب البيطري في جامعة نوتينجهام البريطانية ورقة علمية في مؤتمر جمعية علم الأحياء الدقيقة في سبتمبر من العام الجاري، وأكد فيه أن مُخ الصراصير يحتوي على مخزونٍ غني من المضادات الحيوية التي يمكن استخدامها لمعالجة الأمراض البكتيرية.

فهذا البحث قام باستخلاص تسع مواد كيميائية من أنسجة مخ الصراصير وجهازها العصبي، وهذه المواد لها القدرة على القضاء على نوعٍ من البكتيريا المرضية وهي بكتيريا القولون(Escherichia coli)، أي أنها تعمل كمضاد للبكتيريا والجراثيم الأخرى المسببة للأمراض. وقد فسر الباحثون وجود هذه المواد في جسم الصراصير نظراً لحاجة هذه الكائنات لها كمواد دفاعية تحميها من الجراثيم التي تتعرض لها بسبب وجودها في بيئة ملوثة جداً، وهي البواليع وأنابيب مياه المجاري.

وفي الحقيقة فإن المجتمع الدولي برمته يعمل جاهداً منذ عقود من الزمن على حماية جميع المخلوقات، النباتية والحيوانية، مهما كان حجمها ونوعها وفائدتها الظاهرية المباشرة وغير المباشرة، إضافة إلى المحافظة على البيئات الطبيعية التي تعيش عليها. ومن أجل تحقيق هذا الهدف على المستوى الدولي، قامت منظمات الأمم المتحدة بإعداد مجموعة من الاتفاقيات الدولية، تَصُب جميعها في مصلحة حماية وتنمية جميع الأحياء والبيئات التي تترعرع فيها.

ولذلك فإن قناعتي بأن لكل كائنٍ حي دوراً ووظيفة يقوم به وارتباط هذا الدور ببقاء الإنسان على الأرض نابعة من اكتشافات العلماء لأهمية هذه الكائنات بشكلٍ مباشر أو غير مباشر للإنسان، كما أن هذا الاعتقاد تَرسخَ من خلال الآيات القرآنية والتوجيهات النبوية التي تدعو إلى حماية كل نوعٍ من أنواع الكائنات الفطرية الحية، مصداقاً لقوله تعالى عندما أمر نوحاً عليه السلام أن يَحْمل معه على ظهر السفينة من كل أنواع الحيوانات، تأكيداً على أهمية كل نوع في حد ذاته ودوره في ضمان استدامة حياة الإنسان، إذ لا حياة بدونه.

هناك تعليق واحد:

  1. موضوع رائع للغاية هه صراحة لقد بحثت عن دور البعوضة في الحياة وقرات مقالة تتحدث عن قدرات خارقة لهذا المخلوق العجيب والذي نحتقره في يومنا هذا في الحقيقة وكما قلت يا استاذ اسماعيل الله تعالى لم يخلق اي شيئ عبثا في هذه الحياة .وشكرا على الموضوع المتميز.

    ردحذف