الأربعاء، 24 أغسطس 2011

الـقُـدْرة الاستـيـعابـية للبحرين



شارعٌ قصير في منطقة عالي، وبالتحديد شارع 36 حيث مكان سكني الحالي، يتأخر هذا الشارع انجازه أكثر من سنة واحدة.

والسبب في هذا التأخير ليس تقصيراً في العمل من أية جهة حكومية، أو نقصاً في الموارد المالية، وإنما كان السبب الرئيس في ذلك هو أن إعادة صيانة وتأهيل الشارع القديم ووضع كافة الخدمات فيه كان بحاجة إلى توسعة في المساحة وزيادة في عرض الشارع، وهذا ما نجم عنه دخول الشارع في الأراضي الخاصة للمواطنين، وبالتالي تأخير انجاز العمل من أجل تسوية الموضوع مع ملاك الأراضي.

وليس هذا هو المثال الوحيد الذي أستطيع أن أقدمه لبيان قضية مستقبلية مهمة جداً سنواجهها حتماً، وهي قضية قدرة البحرين بمساحتها الصغيرة ومواردها المحدودة على مواكبة واستيعاب العمليات التنموية المتعاظمة، فهناك أمثلة أخرى كثيرة منها توسعة وإصلاح وتأهيل دوار جدحفص، أو المعروف بدوار بيرجر لاند، فالمشكلة هنا كانت أيضاً أن عملية توسعة الشارع أدت إلى الدخول في الأملاك الخاصة بالمواطنين.

فهذه القضية المعقدة يجب أن نقف أمامها ونفكر فيها ملياً ونخطط من الآن للتعامل معها بشكلٍ مستدام، فالبرامج التنموية المتزايدة التي تشهدها البلاد منذ عقود في المجال الصناعي والعمراني والسياحي لكي نضمن لها الاستمرار ونضمن أن تُؤتي أُكلها وتُقطف ثمارها، فإنها بحاجة إلى أن تكون الخدمات الأساسية، مثل بناء شوارع جديدة وصيانة الشوارع القديمة، وتوصيل خطوط الكهرباء والماء، ومعالجة مياه المجاري والمخلفات الصلبة... أن تكون كلها مواكبة لهذا النمو وملاحقة لهذا التطور، إضافة إلى أن تكون البنية التحتية، وعلى رأسها في الأولوية تشييد الشوارع، متلازمة مع كل عملية تنموية وزيادة في أعداد المركبات.

فإذا كُنا حالياً نعاني من مشكلةٍ في بناء الشوارع أو توسعتها وصيانتها بسبب قلة المساحة المتوافرة لذلك، فكيف سيكون الحال بعد سنواتٍ قليلة؟

وكيف سنتمكن من توفير الخدمات الأخرى التي لا تقوم أية عملية تنموية بدونها؟

فالمطلوب هو التوازن الدقيق بين طاقة وقدرة واستيعاب جزيرتنا من حيث صغر مساحتها، وشُح مواردها وثرواتها الطبيعية وارتفاع عدد سكانها من جهة، والعمليات التنموية في جميع القطاعات من جهة أخرى واحتياجات هذه التنمية من كهرباء، وطاقة، وماء، وغذاء، وشوارع واسعة، وخدمات معالجة مياه المجاري ومياه المصانع والمخلفات البلدية والصناعية الصلبة، وتوفير بيئة صحية ونظيفة.

فلكل شيءٍ طاقة استيعاب وتَحمل، يصل فيه مع الزمن إلى درجة التشبع، وإذا زاد عن هذه الدرجة فإن النمو الايجابي بعد ذلك سيتحول إلى نموٍ سلبي له مردودات كثيرة تنعكس على الإنسان ومجتمعه، وسيصبح عندئذٍ الضرر أكبر من النفع.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق