الاثنين، 1 أغسطس 2011

حبوب منع الحمل للقردة

مشكلة الطفرة السكانية لا تخص الإنسان فحسب، وإنما تصل في بعض الحالات إلى الحيوانات التي تزيد شهيتها للتكاثر عندما تتوافر لديها الظروف المناسبة، فترتفع أعدادها إلى درجة عالية وبكثافة شديدة تسبب فيها مشكلات مزمنة للإنسان، وتُحدث خللاً في التوازن البيئي الرباني الدقيق بين مكونات البيئة الحية وغير الحية.

فعلماء الحيوان والبيئة والأطباء البيطريين في هونج كونج يقفون حائرين اليوم أمام معضلة سكانية جديدة لم يعرفوها من قبل، وتتمثل في الارتفاع الكبير في أعداد نوعٍ من القردة يعرف بالمكاكيو(macaque)، والتي زادت لديهم معدلات الإنجاب والمواليد بنسب عالية جداً، مما جعلها تنتقل من بيئاتها الطبيعية التي ضاقت بها فتزحف وتغزو البيئات الحضرية بالقرب من المساكن والمجمعات والفنادق والحدائق، وأصبحت تسرح وتمرح وتلهو في هذه الأماكن العامة في المتنزهات والمتاجر والمطاعم، بل وفي بعض الحالات تعتدي على المواطنين وتقوم بعمليات سطو جماعية لسرقة المأكولات والأمتعة من الناس.

ونتيجة لذلك كان لا بد من التفكير في حلٍ جذري لإيقاف هذا المد المزعج والمخيف من أسراب القردة. فمن الحلول التي طُرحت رفع مستوى وعي الناس بخطورة هذه القردة وحثهم على الامتناع عن إطعام هذه القردة والاستئناس بوجودها واللعب معها حتى تكون دائماً في حالة من الخوف والحذر من البشر فتتجنب الاقتراب منهم ومن المرافق الحيوية للبشر، بل وإن هونج كونج فرضت غرامة مالية كبيرة قدرها قرابة 480 ديناراً لكل من يخالف هذا القرار. ولكن هذا العلاج لم يحل المشكلة من جذورها فمازالت أعداد القردة في ازدياد مضطرد وتواجدها مع البشر وفي مرافقهم العامة لم يتوقف.

ولذلك اضطرت الجهات المعنية إلى تنفيذ حلولٍ أكثر حسماً وفاعلية لخفض أعداد القردة، وتمثلت في وسائل منع الحمل التي يستخدمها الإنسان، مثل إعطاء القردة حبوب منع الحمل أو حقنها بمواد تؤثر على خصوبتها، أو إجراء عملية جراحية بسيطة للذكور لمنع إنتاج الحيوانات المنوية.

وفي الحقيقة علينا أن نتعلم درساً من هذه الظاهرة ومثيلاتها التي توجد في العديد من الدول، فهي تنكشف عندما يتدخل الإنسان في بيئته الطبيعية بطريقة عشوائية غير مدروسة، فيكسر التوازن البيئي الدقيق الذي خلقه الله سبحانه وتعالى بين الكائنات الحية ومكونات البيئة من ماءٍ وهواءٍ وتربة، ويخل في الوقت نفسه بالتفاعلات الطبيعية بين كل هذه العناصر، مما يؤدي إلى تولد ظاهرة غير مألوفة للإنسان نفسه وتسبب له الكثير من المشكلات التي في الكثير من الحالات لا يستطيع حلها بشكلٍ جذري ودائم.

ولذلك علينا التدخل بحكمة وعلم ودراسة في شئون بيئتنا، والتعامل مع مكوناتها الحية وغير الحية برفقٍ وبأسلوب رشيد حتى يستديم عطاؤها لنا وللأجيال اللاحقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق