الأحد، 28 أغسطس 2011

التَانِـيـنج يُسبب الإدمان



كُنتُ دائماً أسأل نفسي: لماذا يدخن الإنسان إذا كان يعلم علم اليقين بأن التدخين متمثلاً في أكثر من 4000 مادة كيميائية سامة تنبعث من السجائر، منها 50 مادة مسرطنة وتسبب 15 نوعاً من السرطان للإنسان؟

والآن أسأل السؤال نفسه: لماذا يُعرِّض الإنسان نفسه طواعية للأشعة فوق البنفسجية (ultraviolet light) عند القيام بعملية تحويل لون الجلد إلى اللون البرونزي والذهبي، والتي تُعرف بالتانـيـنج(tanning)، وذلك بالرغم من إجماع الدراسات الطبية حول الأضرار الصحية التي تنجم عن التعرض لهذه الأشعة، وبخاصة الإصابة بنوعٍ خطرٍ من أنواع سرطان الجلد يُعرف بالملانوما(melanoma

وفي الحقيقة هناك العديد من الأسباب التي تجعل الإنسان يختار مثل هذه العادات والسلوكيات التي تهدد أمنه الصحي، وهي تختلف في حالة التدخين عن حالة القيام بعملية التانينج، ولكن العامل المشترك في هاتين الحالتين والذي يُسهم إلى حدٍ ما في ممارسة الإنسان والقيام بمثل هذه الأعمال الضارة هو الإدمان.

أما بالنسبة للتدخين، فقد أكدت الدراسات العلمية منذ عقود من الزمن أن مركب النيكوتين الموجود في التبغ يؤدي إلى الإصابة بمرض الإدمان، ولذلك يجد بعض المدخنين صعوبة في الإقلاع عن التدخين.

واليوم اكتشفت الأبحاث العلمية أن الاستلقاء على أسرة التانينج والتعرض للأشعة البنفسجية يؤدي مع الوقت إلى الإدمان على هذا السلوك وزيادة في رغبة الإنسان إلى القيام به.

وآخر هذه الدراسات العلمية الميدانية مـا تـم نشره في أبـريل من العــام الـجـاري في مجلة الإدمان الحيوي(journal Addiction Biology) حول تأثير الأشعة فوق البنفسجية أثناء عملية التانينج على نشاط خلايا المخ، وبالتحديد المنطقة من المخ التي لها علاقة بالإصابة بالإدمان.      

فقد أجريت الدراسة في صالونات التانينج على الأفراد أثناء استلقائهم على أسرة التانينج وعند التعرض للأشعة فوق البنفسجية، حيث ولجت الدراسة في أعماق مناطق المخ، وبخاصة المنطقة من المخ التي لها علاقة بالإدمان، وقامت بقياس التغيرات التي تطرأ عليها أثناء التعرض للأشعة.

وكانت النتيجة أن نوعية التغيرات التي تحدث في هذه المنطقة هي نفس التغيرات التي تحدث عند تناول الإنسان للمخدرات، فالإنسان عندما يتعاطى المخدرات تُنشط أجزاء محددة من المخ وعند التعرض للأشعة فوق البنفسجية فإن الأجزاء نفسها هي التي تنشط أيضاً، وهي الأجزاء المعروف بعلاقتها بالإدمان، ولذلك استنتجت الدراسة أن عملية التانينج تؤدي إلى الإصابة بالإدمان وقيام الإنسان بها مع علمه بمخاطرها على صحته.

وبالرغم من هذا الاستنتاج العلمي، إلا أنني لا أُعذر من يقومون بها لأسباب جمالية بحتة ولفترة قصيرة من الزمن، فالإحصاءات حول أضرارها مخيفة جداً ويجب أن يتوقف عندها كل من يعتزم القيام بعملية التانينج، وقبل أن يخطو خطوة واحدة للدخول في هذه الصالونات التي تقوم بها.

فقد أكدت إحصاءات جمعية السرطان الأمريكية(American Cancer Society) لعام 2011 أن نسبة الإصابة بسرطان الجلد أو الملانوما قد ارتفعت منذ عام 1992 أكثر من 3% في السنة، كما أن احتمال الإصابة بالسرطان لمن يقومون بالتانينج يصل نسبة مرتفعة جداً هي 74% . كما أكد المكتب الوطني للإحصاء في بريطانيا أن أعداد المصابين بالسرطان في انجلترا قد ارتفع بنسبة 20% خلال العقد الماضي، وأكثر الزيادات كانت لسرطان الجلد حيث بلغت الضعف، وتعزى ذلك إلى عملية التانينج.

واستناداً إلى هذه الإحصاءات أكدت الأكاديمية الأمريكية للأطفال في إعلان لها في 2 مارس 2011 على ضرورة منع الأطفال والمراهقين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً من استخدام التانينج، كما أن جهات صحية أخرى دعمت هذا التوجه، منها منظمة الصحة العالمية، وجمعية الأطباء الأمريكيين، والأكاديمية الأمريكية لأمراض الجلد. وعلاوة على هذا، قامت إدارة الغذاء والأدوية بالولايات المتحدة الأمريكية ومنظمة الصحة العالمية والوكالة الدولية لأبحاث السرطان في يوليو 2010 بإعادة تصنيف عملية التانينج إلى “مسرطن للإنسان” بدلاً من “محتمل الإصابة بالسرطان”، ووضعت أسرة التانينج ضمن قائمة المواد المسرطنة، مثل دخان السجائر والبنزين وغيرهما.

والآن، وبعد التأكد من المخاطر الصحية التي تنجم عن صالونات التانينج، ما هو موقف الجهات الرسمية المعنية في البحرين من هذه العملية؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق