الأحد، 10 يوليو 2011

الخمر أشد فتكاً من المخدرات

معظم الصحف الأجنبية المرموقة التي تصدر في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية أجمعت على نشر خبرٍ واحد في ذلك اليوم، ولولا أهمية وخطورة هذا الحدث الإخباري على المستويين الشعبي والرسمي، وارتباطه بالواقع اليومي للناس، لما توافقت جميعها على نقله والتطرق إلى مضمونه، والتعليق على استنتاجاته وانعكاساته على الفرد والمجتمع برمته.

وهنا أقدم لكم أمثلة لهذه الصحف وعنوان الخبر الذي قامت بنقله. ففي الولايات المتحدة الأمريكية كتبت الصحيفة الواسعة الانتشار أمريكا اليوم(USA TODAY) مقالاً تقول فيه: ”دراسة تفيد بأن الكحول أشد تدميراً من الهيروين والكوكايين“، كما نشرت الواشنطن بوست(Washington Post) ومجلة التايمس(TIME) خبراً بعنوان: ”دراسة تبين بأن الكحول أكثر قتلاً من الهيروين والكوكايين“.كذلك بَثبت المحطة الإخبارية الدولية الأمريكية المعروفة إم إس إن بي سي(msnbc) خبراً تحت عنوان: ”دراسة تبين أن الكحول أكثر خطورة من الهيروين والكوكايين“.

وفي بريطانيا فقد نقلت صحيفة التلجراف(Telegraph) خبراً تحت عنوان: ”الكحول أشد ضرراً من الكوكايين أو الهيروين“، كما نشرت الجارديان(Guardian) البريطانية مقالاً عنوانه: ”الكحول أشد تأثيراً من الهيروين أو الكوكايين “.

وتنبثق أهمية هذا الخبر وغرابته من الانطباع العام عند الناس بأن المخدرات هي من أخطر المواد التي عرفها الإنسان، فهي تدمره من كافة النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية، ومردوداتها السلبية على الأسرة والمجتمع مشهودة لدى الجميع، واستناداً إلى كل هذه المخاطر والأضرار فكل دول العالم تُجمع على تحريم تعاطيه، وبيعه، والترويج له، واستخدامه، ولكن لم يعلم هؤلاء الناس بأن المشروبات الكحولية أو الخمر أشد خطورة وهلاكاً للإنسان والمجتمعات من هذه المخدرات الممنوعة قانونياً، حتى جاءت هذه الدراسة ومثيلاتها من الأبحاث الأخرى التي أكدت على ذلك.

فقد نشرت المجلة العلمية الطبية العريقة والمشهورة بمصداقيتها، والتي تصدر في بريطانيا، وتُعرف باللانست(The Lancet) بحثاً تحت عنوان: ”ضرر المخدرات في المملكة المتحدة: اتخاذ القرار التحليلي المتعدد المعايير“. وهذه الدراسة المدعومة من مركز دراسات الجريمة والعدالة في بريطانيا قامت بإجراء تحليلٍ شامل لعشرين مخدراً، من بينها الهيروين، والكوكايين، والماريجوانا، والكحول، والتبغ(التدخين)، واستخلصت استنتاجاتها بناءً على دراسة وتحليل 16 معياراً يطبقون على كل مخدر، منها تسعة معايير لها علاقة بالأضرار التي يُلحقها المخدر على الفرد، مثل الضرر الجسدي كالموت والإصابة بالأسقام، والضرر النفسي والعقلي، ثم الضرر الاجتماعي كفقدان الوظيفة والأسرة والأصدقاء. وفي المقابل هناك سبعة معايير متعلقة بالأذى والضرر الذي يسببه المخدر على الآخرين الذين يعيشون معه في المجتمع، مثل الضرر الجسدي والنفسي والقيام بأعمال عنيفة، والضرر الاجتماعي كتدمير الممتلكات وارتكاب الجرائم والتكاليف الاقتصادية الناجمة عن ذلك. وفي نهاية التقييم تُعطى درجة كلية لكل مخدر هي من ”مائة“، وتَرمز إلى الأشد ضرراً.

وكانت النتيجة الإجمالية للتحليل متعدد المعايير لكل مخدر هي المشروبات الكحولية في المرتبة الأولى وبدون منازع، بنسبة عالية جداً بلغت 72%، ثم الهيروين في المرتبة الثانية بنسبة 55%، وبعدها الكوكايين بنسبة 54%، وجاء التبغ أو التدخين في المرتبة الرابعة بنسبة 26%.

ولذلك فإن الاستنتاجات التي توصلت إليها هذه الدراسة التي أُجريت في جامعات الغَربْ كانت مفاجأة كبيرة لجميع العاملين في موضوع تصنيف المخدرات، وستؤدي إلى ثورةٍ حقيقية، وتغييرٍ جذري في مجال سياسة استعمال المخدرات والمسكرات الكحولية في كافة أنحاء العالم، إذ لم يتصور أحد قط أن الخمر أشد ضرراً من المخدرات المحظورة دولياً كالهروين والكوكايين والماريجوانا.

وهذه الاستنتاجات العلمية التي تزيد يوماً بعد يوم تُؤكد أسباب تحريم الخمر ووصف الرسول عليه الصلوات والسلام للخمر بأنها ” أمُّ الخبائث “.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق