الأربعاء، 27 يوليو 2011

الأرِيْكَة الحارقة

كُلما جلستْ السيدة جو هيل على أريكتها الجلدية الجديدة التي اشترتها من محل تجاري مرموق في لندن، أَحستْ بجلدها وكأنه يحترق من شدة الألم الذي يصيبها.

وبالرغم من زياراتها المتكررة للمستشفى، إلا أنه لم يستطع أحد أن يُشخص لها أسباب هذا الألم المُوجع الذي يصيب جلد جسمها، ويُسبب لها التقرحات. ومع الوقت تبين أن هناك آلاف من المواطنين البريطانيين الذين يعانون من المشكلة نفسها، ولم يتم التعرف على أسباب هذه الحالة المرضية الغريبة.

وبعد تسعة أشهر من ظهور هذه الحالات بين المواطنين، تبين أن الأريكة الجديدة، أو السوفا هي المُتهمة في حرق الجلد وإصابته بالاحمرار والقرحة الشديدة. ثم بعد إجراء التحاليل المخبرية على مكونات السوفا الجلدية، تم التأكد بأنها قد تم رشها في الصين قبل شحنها بمادة كيميائية تعمل على منع نمو الفطريات، وبالتالي تمنع تعرض الأثاث للإصابة بالعفن عند فترة الشحن ثم التخزين في محلات الأثاث. وهذه المادة الكيميائية هي ثنائي ميثيل الفيُماريت(dimethyl fumarate)، وهي مادة سامة تؤجج الحساسية الجلدية عند الإنسان، وتم حظر استخدامها في الاتحاد الأوروبي في المنتجات الاستهلاكية منذ عام 1998، كما تم منع استيراد المنتجات التي بها هذه المادة في يناير 2009.

وهذه القضية الصحية البيئية لم تنته عند هذا الحد، فقد دخلت المحاكم البريطانية، وتم تعويض المتضررين الذين بلغ عددهم 3500، بمبلغ مالي يتراوح بين 1175 و 9000 جنيه إسترليني حسب الضرر الصحي الذي لحق بالفرد، ووصل مجموع التعويض المالي إلى نحو 20 مليون جنيه، أي ما يقارب 12 مليون دينار.

ولا شك بأن هذه الحادثة تؤكد لنا ضرورة التثبت من سلامة كافة المنتجات الاستهلاكية التي يتعرض لها المواطن قبل دخولها إلى بلادنا من الناحيتين الصحية والبيئية، فالشركات المُصنَّعة نفسها لا تبالي بمثل هذه الأمور، ولا تدخل السلامة الشخصية ضمن اهتماماتها وهمومها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق